هذا حق قررت دول مجلس التعاون ممارسته أخيراً إثر التطورات التي صارت تشهدها المنطقة والتي صار معها هذا الحزب هو المتحكم في لبنان وأتاح كل الفرص اللازمة لتحكم إيران فيه وفي سوريا والعراق واليمن، ودفع بقوة في عملية دعم كل من رغب في التمرد على أي نظام من أنظمة دول مجلس التعاون وخصوصاً البحرين والسعودية. ما قام به «حزب الله» في السنوات الأخيرة وفي الشهور الأخيرة منها تحديداً لا ينفع معه إلا هذا الشكل من أشكال «الحزم»، وإلا فإن الأمور كلها ستفلت وستجد دول التعاون نفسها خارج كل شيء. خطر هذا الحزب ازداد وصار لا بد من وضع حد له يتجاوز مسألة التنبيه.
أما الكلام عن أن خطوة اعتبار «حزب الله» منظمة إرهابية تخدم العدو الصهيوني فكلام لم يعد له أي قيمة، عدا أن إسرائيل في كل الأحوال – وللأسف الشديد – قوية ولا تنتظر مثل هذه الفرصة لتقوى، بل إن أموراً كثيرة قام بها هذا الحزب وغيره من المحسوبين على «المقاومة» استفادت منها إسرائيل بشكل كبير، ليس أولها تورط أعضاء في «حزب الله» في عمليات تجسس لصالح إسرائيل ضد الحزب ولبنان والعرب والإسلام، وليس آخرها الأخطاء المتتالية التي يرتكبها هذا الحزب في لبنان وسوريا وإتاحته الفرصة لإيران لتتدخل في شؤون الدول العربية.
المملكة العربية السعودية لم تلجأ إلى ورقة الضغط على الحكومة اللبنانية المغلوبة على أمرها إلا بعد أن فاض بها الكيل ولم يعد في الإمكان المد في الصبر، ومجلس التعاون الخليجي لم يتخذ قراراً باعتبار هذا الحزب منظمة إرهابية إلا بعد أن استنفد كل الصبر الممكن، ووزراء الداخلية العرب لم يعلنوا ما أعلنوا عنه في تونس إلا بعد أن رأوا من هذا الحزب ما رأوا وصار المشهد واضحاً بالنسبة إليهم، وتبينت الأخطار التي يمكن أن تتعرض لها المنطقة برمتها لو بقي الحال على ما هو عليه واستمرت إيران تدعم «حزب الله» واستمر هذا الحزب في دعم كل عمل تخريبي تحت عنوان المقاومة.
ما قامت به السعودية ومجلس التعاون ومجلس وزراء الداخلية العرب يدخل في باب «آخر الدواء»، ويعبر عن نفاد الصبر وعدم القدرة على تحمل المزيد من تجاوزات هذا الحزب وتجاوزات إيران التي تسعى كي تكون حاضرة في كل مشهد عبر بيعها الآمال للبسطاء الذين قررت أن يكونوا وقوداً لحرب خططت لها طويلاً.
القرار الخليجي والعربي باعتبار «حزب الله» منظمة إرهابية واعتبار إيران راعية للإرهاب وداعمة لهذا الحزب والسعي بحزم لوضع حد لهذا وذاك أمر وإن تأخر كثيراً إلا أنه ضرورة ولم يعد بالإمكان إلا اتخاذه، فلولا أن الأمر قد زاد عن حده لما حصل هذا الإجماع بين العرب والذي لم يحصل في السنوات الأخيرة إلا قليلاً، وهو ما يعني أنه «قد بلغ السيل الزبى» ولم يعد في الإمكان إلا اتخاذ أحد قرارين ثانيهما الاستسلام لهذا الحزب ولإيران وتركهما يفعلان ما يشاءان ويؤسسان لتاريخ من الذل لا يمكن للعرب أن يقبلوا به أبداً.
«حزب الله» تجاوز كل الحدود واستهلك كل الصبر الذي هو من صفات مجلس دول التعاون والعرب، وإيران تجاوزت الحدود نفسها واستهلكت الصبر كله، ولم يعد بالإمكان تحمل المزيد. ولأن معطيات كهذه تعين على قراءة المشهد وتصور مستقبل الأمة العربية بسهولة لذا جاء القرار حازماً باعتبار هذا الحزب منظمة إرهابية واعتبار من يدعمه من الدول والمؤسسات متورطة معه في الإرهاب، واعتبار كل متعاطف معه معيناً له على تنفيذ ممارساته الخاطئة، ومن هنا جاءت الخطوة التالية والمتمثلة في مراقبة كل تحرك مريب في هذا الخصوص.