التطرق لموضوع الشيعة العرب، يعني التطرق إلى أكثر من موضوع وقضية مثيرة للأهمية والحساسية البالغة، ولاسيما من حيث تواجدهم في بلدان ذات موقع وأهمية خاصة بالنسبة للوطن العربي مثل «العراق، ولبنان، والسعودية، وقطر، واليمن، والبحرين، والكويت، والإمارات، وعمان»، خصوصاً من حيث دورها وتأثيرها على قضية الأمن القومي العربي، والذي يلفت أكثر فأكثر النظر إليهم هو حضورهم المميز في تلك البلدان ومشاركاتهم الفعالة في مختلف النشاطات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفكرية.
طوال العقود الطويلة نجد أن الشيعة العرب قد أدوا دائماً الدور المطلوب منهم في جميع المواجهات والحروب وأن إيمانهم بانتمائهم لأوطانهم ولشعوبهم ولعروبتهم، لم يكن فيه على الدوام أدنى شك، وأن هذه الحقائق أدركها وتيقن منها نظام «ولاية الفقيه» منذ تأسيسه، ولذلك فقد عمل كل ما بوسعه من أجل جعلهم عنصراً أساساً في مشروعه المثير للريبة في المنطقة.
نظام «ولاية الفقيه» الذي أخذ بعين الاعتبار تواجد الشيعة العرب في دول عربية يمكن اعتباره قلب الوطن العربي وعماده الأساس في الكثير من النواحي، تيقن من أن نجاحه في استدراجهم لمشروعه المعادي لمصالح العرب والمسلمين على حد سواء، كفيل بفتح ثغرات في جدار الأمن القومي في هذه الدول خصوصاً وفي الوطن العربي عموماً، ولهذا فقد سلك نهجاً اعتمد على أسلوب «كلمة حق يراد بها باطل»، حيث إنه وإزاء وجود بعض القصور في الخدمات في بعض الدول العربية لأسباب إدارية متباينة تجاه المواطنين الشيعة، فإنه ابتدع مفهوم «مظلومية الشيعة العرب»، وعمل طوال أكثر من ثلاثة عقود خلت على نشر وغرس هذا المفهوم في عقول وأفكار الشيعة العرب، وللأسف فقد نجح في استدراج البعض من الذين انبهروا وانخدعوا بهذا المفهوم وبشعاراته الطنانة الرنانة الأخرى، وركضوا خلفه وهم لا يدرون بأنهم بعملهم هذا قد أداروا ظهورهم لشعوبهم وأوطانهم ولأمتهم العربية وظنوا بأنهم على الطريق القويم ولكن هيهات هيهات من ذلك.
بعد كل هذه الأعوام، ومن خلال النظر للأحزاب والمنظمات والجماعات المسلحة التي أسسها نظام»ولاية الفقيه» في «العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن»، نجد أنها قد عملت على الدوام من أجل المصالح الإيرانية ومنحتها الأولوية فيما أهملت وتغاضت عن عمد وسابق إصرار المصالح الوطنية والقومية بل وحتى تجاوزت عليها، ولسنا نذيع سراً فيما لو قلنا وبكل تأكيد من أن الأكثرية الشيعية الصامتة في البلدان العربية، ترفض الانسياق خلف مشروع نظام «ولاية الفقيه» وتتمسك وتعتز بشعوبها وأوطانها وبانتمائها لها، وإن المطلوب منهم هو أن يدركوا ويعوا حقيقة ما يترتب عليهم من دور ومهام حيال شعوبهم وأوطانهم وأمتهم وأن يبقوا على سابق عهدهم من أجل حماية أوطانهم وعدم السماح باختراق الأمن القومي العربي وفتح الثغرات فيه، وإن على الذين اغتروا وانخدعوا بأقوال ومزاعم نظام «ولاية الفقيه» أن يراجعوا أنفسهم، وما أدوه من دور سلبي طوال الأعوام الماضية ويعودوا لأحضان شعوبهم وأوطانهم.
* الأمين العام للمجلس
الإسلامي العربي في لبنان