ظل أمين عام «حزب الله» طويلاً ينفي مشاركة عناصر من هذا الحزب في الحرب الدائرة في سوريا لكنه بعد أن خسر بعضاً منهم وصار لا مفر من القول إنهم قتلوا في سوريا اعترف بأنهم شاركوا في جانب من القتال ولكن في أراض تابعة للبنان مختلف عليها تاريخياً، ثم بعد قليل اضطر إلى الاعتراف بأن مقاتلين من الحزب يشاركون في القتال إلى جانب قوات النظام السوري في أراض سورية، قبل أن يعترف بأن الحزب له دور أساس في الذي يدور هناك وأنه يقوم بعمل مهم في مساندة قوات بشار الأسد.
الأمر نفسه حدث مع العراق، حيث استمر نصرالله ينفي مشاركة قوات من حزبه في القتال الدائر هناك لكنه فاجأ العالم في خطابه الأخير بقوله «لدينا مجموعة كبيرة من قياديينا والمقاتلين موجودون في العراق وكنا نقاتل تحت قيادة عراقية». هذا يعني أن العالم لن يفاجأ لو اعترف نصرالله في خطاب تال بوجود قياديين من هذا الحزب ومقاتلين يساندون الحوثيين في اليمن والصومال ونيجيريا وغيرها، وبوجود عناصر منه في السعودية والبحرين ومختلف دول مجلس التعاون يهيئون الأمر لإرسال «مقاتلين» من الحزب مستقبلاً لو استدعى الأمر.
هذه اعترافات مهمة وخطيرة وتؤكد أن لهذا الحزب الذي اتفق أخيراً على اعتباره منظمة إرهابية وجوداً في كل هذه الدول وأن عناصره يقاتلون جنباً إلى جنب مع الحكومات والأحزاب التي يتوافق معها فكرياً، وأن الأمر ليس مجرد المشاركة بـ»مستشارين» كما ظلت إيران تردد طويلاً أيضاً قبل أن تضطر إلى الاعتراف بأن وجودها في سوريا والعراق ولبنان لا يقتصر على المستشارين وإنما تقاتل بجنود يعودون إليها بين الحين والحين في صناديق.
المعلومة التي تبدو الآن واضحة هي أن هذا الحزب هو الذي تحكم إيران بواسطته لبنان الذي صار في يدها، وأن مقاتلي «حزب الله» تابعون لها وأنهم أداتها التي تضرب بها في سوريا والعراق وغيرهما. هذا أمر من الطبيعي أن تنكره إيران وينكره هذا الحزب وكل من هو متعاطف معهما، لكنه مع الأسف يبدو صحيحاً، فهناك الكثير من القرائن والأدلة على كل هذا، ويكفي اعترافات أمين عام الحزب التي تأتي تباعاً وكلما اضطرته الظروف لذلك.
قبل يومين أيضاً قال الرئيس الإيراني حسن روحاني في مؤتمر صحافي وبوضوح إن إيران لن تتوقف عن إرسال المساعدات إلى اليمن، وهو ما يعني أنها استمرت في إرسال المساعدات طوال الفترة الماضية، أما نوعية المساعدات فالأكيد أنها ليست كلها كما قد يعتقد أدوية وأغذية وبطانيات، والدليل استمرار الحوثيين في القتال طوال هذه الشهور التي تقترب من العام.
لن يطول الوقت حتى يعترف «حزب الله» بأنه تابع لإيران وأنه يقاتل إلى جانب الحوثيين كما اعترف بأنه قاتل ويقاتل إلى جانب قوات الأسد في سوريا وقوات النظام في العراق، كما لن يطول الوقت حتى تعترف إيران بأن «حزب الله» تابع لها وأنها هي التي تديره وتحكم لبنان بواسطته وأن لها وجوداً في اليمن كما اعترفت بأن لها وجوداً في سوريا والعراق ولبنان. ولن يطول الوقت أيضاً حتى تعترف إيران و»حزب الله» بأنهما قاما بعمل كل الممكن لدعم ومساندة وتدريب عناصر تابعة للمجموعات التي تسعى للسيطرة على الحكم في البحرين والسعودية وغيرهما من دول مجلس التعاون الخليجي، وأنهما لايزالان مستمرين في محاولاتهما تهريب الأسلحة إلى الداخل، فالصراع صار على المكشوف ولم يعد هناك ما يتطلب إخفاء هذا النوع من المعلومات.
اعترافات «حزب الله» وإيران التي تمت «بالأقساط» تؤكد أن ما نشرته دول التعاون عن تورطهما في كل هذه الدول كان حقيقة.