لا سبيل أمام إيران فيما يخص اتهامات دول مجلس التعاون الخليجي لها بالتدخل في شؤونها سوى النفي، بل إن المسؤولين الإيرانيين ينفون حتى ما يراه العالم بوضوح وما لا يمكن التشكيك فيه، وهذا أمر طبيعي، فمن غير المعقول أن تعترف إيران بأنها تتدخل في شؤون الدول الأخرى وخاصة دول مجلس التعاون. من هنا فإن المهمة الأساسية التي تقع على عاتق المسؤولين الإيرانيين دائماً هي العمل على إبعاد تهمة التدخل في شؤون الدول الأخرى عن بلادهم، وهم يفعلون ذلك حتى في وضح النهار.
لكن هل يعقل أن توجه دول مجلس التعاون الخليجي هذا الاتهام الخطير لدولة جارة لو لم يكن بيدها ما يؤكد أنها تفعل ذلك؟ منطقاً لا، وواقعاً يتوفر الكثير من الأدلة على تورط النظام الإيراني في هذه الممارسة المرفوضة والتي لا يمكن لأي دولة في العالم أن تقبل بها.
المسؤولون بدول مجلس التعاون الخليجي أصدروا من قبل العديد من البيانات التي ملخصها أن التدخلات الإيرانية في المنطقة غير مسبوقة، وأنها تهدد السلم العالمي، وسبق لمجلس التعاون أن دعا طهران مراراً إلى الكف عن التدخل في شؤون دوله ونبهها إلى أن هذه الممارسة الخاطئة والمرفوضة من شأنها أن «تنذر باشتعال حرب طائفية خطرة لا يمكن السيطرة عليها أو التحكم فيها».
ما هو واضح لدول التعاون اليوم أن إيران تعمل بكل ما أوتيت من قوة على بث الفرقة والفتنة الطائفية بين مواطني دول التعاون وأنها تسعى جاهدة للإضرار بأمن هذه الدول واستقرارها ومصالح مواطنيها «سواء من خلال إيواء الهاربين من العدالة أو فتح المعسكرات لتدريب المجموعات الإرهابية أو تهريب الأسلحة والمتفجرات لتنفيذ عمليات إرهابية داخل دول المجلس كما حدث أخيراً في البحرين، أو عبر دعم التخريب والإرهاب والتحريض على العنف، أو من خلال التصريحات التي تصدر عن كبار المسؤولين الإيرانيين»، كما جاء في أحد البيانات الختامية لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الذي أكد أيضاً على أن «سياسة إيران القائمة على التدخل في شؤون دول المجلس تحمل تهديداً خطراً للأمن والسلم الإقليمي والدولي، بعد أن وصلت لمستويات غير مسبوقة في مخالفة القوانين المعمول بها في التعامل بين الدول» وأن هذا السلوك من شأنه أن «يشعل حرباً طائفية خطرة لا يمكن السيطرة عليها أو التحكم فيها».
اتهامات دول مجلس التعاون لإيران لم تأت من فراغ ولم يعلن عنها إلا بعد أن فاض الكيل وتبين أن إيران لا ترعوي وأنها مستمرة في تنفيذ أجندتها التي تتطلب ممارسة هذا السلوك الذي إن استمر سيؤدي إلى زعزعة المنطقة وإدخالها في نفق مظلم قد لا تخرج منه إلا بعد عقود.
من يقول بأن ما يجري في العراق اليوم ليس أحد أسبابه الأساسية تدخل إيران في شؤون هذا البلد الذي كان جميلاً فهو مخطئ، ومن لا يقول بأن ما تعاني منه سوريا أحد أسبابه الأساسية هو تدخل إيران في شؤون هذا البلد الذي كان جميلاً أيضاً فهو مخطئ، والقول نفسه عن لبنان الذي من الواضح أنه على وشك الوقوع في الفخ إن لم يكن قد وقع فيه بالفعل، فما يجري في لبنان سيؤدي دونما شك إلى حرمانه من الاستقرار، وهو مبتغى إيراني محض.
لولا تدخل إيران في هذه الدول لما زادت معاناتها، ولولا تدخل إيران في اليمن لما وصلت الأمور فيه إلى ما وصلت إليه، ولأن دول مجلس التعاون واعية لما يدور حولها ويقع قريباً من دارها وتعرف نوايا إيران وما ترمي إليه لذا فإنها تسعى لوضع حد لتدخلات الملالي في شؤونها قبل أن يفوت الفوت.