لعبت الحضارة العربية والإسلامية دوراً مهماً في جميع نواحي ومجالات الحياة، خاصة في الحياة السياسية، حيث تشير «وثيقة أو كتاب المدينة» الذي وضعه الرسول صلى الله عليه وسلم بين فئات المجتمع السياسي الأول الذي تشكل بعد هجرته إلى يثرب «فئاته الأساسية: المهاجرون، والبطون القبلية في يثرب، واليهود» إلى الطبيعة التعاقدية للاجتماع السياسي في الإسلام وبحسب «كتاب العرب والإيرانيون» لرضوان السيد أوضح أن «الفتوحات أنتجت إمبراطوية ضخمة وتقاليد وأعرافاً إمبراطورية أدت إلى صراعات تاريخية ليس حول هوية المجتمع بل حول هوية النظام أو الاجتماع السياسي ويمكن القول إن تلك الصراعات بلورت تقليدين سياسيين عريضين التقليد الشوروي والإمبراطوري».
وبالتالي أن حضارتنا العربية شهدت العديد من الأحداث التي تعددت ثقافتها ورؤيتها على مدى العصور الماضية، إلا أن ذلك لم يلغي الهوية العربية والإسلامية خاصة أن هذه الحضارة تحظى بتقدير جميع دول العالم وأصبحت تفرض هيبتها بكل مكان ويأتي هذا الأمر لكون هذه الحضارة تأسست على أسس العقيدة الإسلامية التي أكرمنا الله سبحانه أن نكون جزءاً منها.
الحديث هنا، لن يقف عند الحضارة العربية والإسلامية بل الحديث سيمتد عن بعض الدول التي دخلت على الخريطة السياسية العالمية والتي تحمل معتقدات مخالفة للكثير من الحياة السياسية الإسلامية المتميزة بالرواسخ الثابتة، حيث إنه للأسف شهدت منطقتنا حضارات تصارع من أجل أن تضعف حضارتنا، وعلى رأسها إيران والتي تقوم بزرع ميليشياتها بكل زاوية من زوايا أراضينا، حتى وصل بها الأمر إلى أن يكون لها دور في تحديد المصير العربي.
فعلاً اليوم إيران تقوم بالعديد من المحاولات والمشاغبات السياسية في دول المنطقة، بل أنها تزعم أن حضارتنا التي تقوم عليها دولنا أنها لا تمثل الإسلام الحقيقي، وتريد أن تستبدلها بإمبراطوريتها الباطلة التي وضعت أجندتها من أجل مصالحها لتكون قوى في المنطقة وتتحكم بمصير الملايين من المسلمين.
إلا أن الخدعة الإيرانية التي تنطوي على مؤيديها أن إيران تعيش أفضل أيامها السياسية بنظامها الحالي من خلال حشد مجموعة من المؤثرين بالمنطقة من خلال إغراقهم بالثروات حتى يكونوا مسوقين لهذا النظام، إلا أن هذا النظام لا يعتبر هو الأفضل لإيران وهذا ما يؤكده التاريخ، فإيران شكلت بها أحزاب سياسية كبرى، وخاصة في عام 1907 ظهرت وانتعشت بها الأحزاب السياسية وأهمها حزب الاعتداليون والديمقراطيون، وأسسوا مجموعة من القوانين والتعديلات الإصلاحية، في المقابل فإن السيطرة الردايكالية للسلطة الحالية لإيران تمارس أقوى أنواع التأثير والاستبداد حتى وصل الأمر إلى أنه أقصي جميع فئات المجتمع الإيراني واقتصرت المناصب والامتيازات على الفئة التي تتبع عقيدة «ولاية الفقيه»، عكس ما شهده التاريخ الإيراني من تعددية في الأحزاب والذي اشترك بها التجار والمثقفون ورجال الإعلام.
والخدعة الإيرانية لم تقف عند مؤيدي النظام الحالي بل تعدت ليكون هنالك مؤيدون لـ «ولاية الفقيه»، حتى أن الدول المهيمنة على العالم كأمريكا وروسيا قد خدعوا أو لربما أرادوا ذلك، خاصة أن أهدافهم في نهب ثروات المنطقة ستكون محققة باستمرار النظام السياسي الحالي في إيران، إلا أن الصدمة التي «تلخبط» أوراقهم هو أن حضارتنا مهما تعرضت من أزمات سياسية خانقة فهي باقية بفضل شعوب تؤمن بأن كلمة الله فوق كل شيء، وأن حضارتنا أسست وفق نظام واضح وراسخ لا يقبل أن يكون أساسها التخلي عن هويتنا، والدليل على ذلك هو التحالف العسكري الإسلامي لمحاربة كل من يهدد أمننا واستقرارنا، خاصة الإرهاب.
إذاً إيران استخدمت أذرعها لتكون دولة مصدرة للثورات واعتمدت على ذلك بالتسويق السياسي المخادع لشعوب دولنا، وللأسف أنها تعمدت أن تحصر نفسها في فئة واحدة ورفضت التعايش مع دول الجوار، بل وضعت ضمن أجندتها محاربة المسلمين بالتحالف مع أعداء الإسلام، وجعلت أبناءنا يظنون أن قتل الأبرياء هو الجهاد الحقيقي، إلا أن حضارتنا تمرض ولا تموت، فها هي بالأمس تجمع قادتها ضد الإرهاب وغداً سيكون الحسم بـ «رعد الشمال» الذي جاء ليؤكد أن الحضارة العربية والإسلامية حضارة تأسست لتبقى ضد من يريد المساس بعروبتنا.