قبل يومين انتشرت أخبار عن تعرض النائب الكويتي المتجاوز لكل الحدود عبدالحميد دشتي -والذي قررت البحرين ملاحقته عبر الإنتربول للقبض عليه إثر الحكم عليه غيابياً بالسجن لمدة سنتين بسبب إساءته للمملكة- لأزمة قلبية حادة «نتيجة الإرهاق والعمل الحقوقي الشاق الذي قام به في محافل جنيف دفاعاً عن حقوق الإنسان في أي مكان في العالم، وأنه تم نقله إلى مستشفى اختصاصي في القلب في لندن»، حسبما أعلن مكتبه الإعلامي الذي حرص على نفي ادعائه إصابته بالأزمة تهرباً من حكم صدر بحقه في البحرين أو تهرباً من إجراءات تردد أنه تم اتخاذها في الكويت لملاحقته بواسطة «الإنتربول»، واهتم بالتأكيد على أن الدستور الكويتي يمنع تسليم أي مواطن لأي دولة وأن قانون الإنتربول الدولي لا يتعامل مع الأحكام ذات الطابع السياسي والعسكري والديني.أما المهووسون بدشتي وبمواقفه المتطرفة فحرصوا على تداول هذه الأخبار عنه بغية تأكيد سلامة وضعه القانوني ومتانته وليسهموا مع مكتبه الإعلامي في توفير الجو الذي يستهويه، فهم يعرفون جيداً أن الرجل مهووس بالأضواء ويهمه أن يكون متوفراً دائماً في دائرتها، فهنؤوه على السلامة وعبروا عن مشاعرهم تجاهه وأعربوا عن فرحتهم بسلامة وضعه القانوني واعتبروا ما قيل عن أحكام الدستور الكويتي وشروط الإنتربول للقبض على مطلوب وتسليمه أموراً من شأنها أن تجعله في مأمن، مؤكدين بذلك عدم إدراكهم للأخطاء والتجاوزات التي ارتكبها هذا الشخص.الأزمة القلبية التي قيل إن دشتي تعرض لها والتي حرص مكتبه الإعلامي على التأكيد على أنها نتيجة «العمل الحقوقي الشاق الذي قام به دفاعاً عن حقوق الإنسان» بغية تعظيمه وتبجيله وإظهاره في مظهر المدافع الأكبر عن حقوق الإنسان لا يمكن أن تكون سبيل الخلاص من العقوبات التي تنتظره، فدشتي لم يخطئ على شخص وإنما على دولة، بل دولتين، بل ثلاث دول، مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية، وأحرج دولة الكويت التي ينتمي إليها، وهو ما لا يمكن السكوت عنه، وهناك من الطرق الكثير التي يمكن من خلالها القبض عليه من دون المساس بالدستور الكويتي الذي يحترمه الجميع ولا أحد يقبل بتجاوزه، كما أن الإنتربول لن يتأخر عن القيام بواجبه ولن يمنعه أي شيء من القبض على دشتي وتسليمه، وهو ما سيتأكد في الفترة القريبة المقبلة.دول التعاون لا تحظر على مواطنيها الدفاع عن حقوق الإنسان ولا قول كلمة الحق ولا ممارسة أي نشاط إنساني أو حضاري، لكنها لا تقبل بالإساءة، لا عليها ولا على غيرها، ولهذا فإنها تحرص على محاسبة المسيء وتجرده من الحصانة لو كان متمتعاً بها وتقدمه كأي مواطن عادي للمحاكمة، ولهذا فإن مسألة أن يفلت عبدالحميد دشتي من العقوبات مسألة لا يمكن تصديقها، ويكفي أن حكومة الكويت هي من ستتصدى له وتحاسبه.لا شماتة ولا فرحة غمرت بما انتشر من أخبار عن تعرض دشتي لأزمة قلبية، أي عكس ما اهتم مكتبه الإعلامي بالترويج له، فهذا ليس من شيم وعادات أهل الخليج العربي الذين مهما حصل يظلون يتعاملون مع المخطئ من أبنائهم بطريقة تؤكد له أنه لايزال واحداً منهم وأن كل المطلوب منه هو تصحيح الأخطاء التي ارتكبها وعدم تكرارها.بالمناسبة، من حق عبدالحميد دشتي وغيره أن يستمتع بالأضواء التي يرغب أن يكون في دائرتها دائماً، ولكن من المهم أيضاً أن يعلم ويعلم غيره كذلك أن هذا الأمر ينبغي ألا يكون على حساب الآخرين، ذلك أن للآخرين، أشخاصاً أو مؤسسات أو دولاً، حقوقاً ينبغي مراعاتها وعدم تجاوزها.