كل الرثاء ولا عزاء للذين يحتفون بما يسمى بعقيدة أوباما ويرونها «قشة» أخرى جديدة تطفح للسطح يتعلق بها يتامى مشروع الجمهورية الإسلامية البحرينية المقبور ويحتفون بها ويكتبون عنها المعلقات والمسلسلات.
نصيحة لله يا جماعة ولو أننا فقدنا الأمل في قدرة هذه المجموعة على الإصغاء أو الاستماع أو التفكير أو التدبير، لكنها مجرد محاولة قد ولعل وعسى تفلح في إيقاظهم من النوم وتفتح لهم بصيرتهم وبصرهم بما يجري حولهم.
من كان منكم مؤمناً بمشروع الجمهورية الإسلامية البحرينية فإن المشروع قد مات، ومن كان منكم مؤمناً بانتمائه للدولة البحرينية العربية فإن الدولة باقية ولن ترفضه أو تطرده إن طلب العودة لها، اختاروا، إما انتظار معجزة تحيي لكم عظام المشروع وهي رميم فذلك ضياع ودمار لما تبقى لديكم من كرامة وما ظل عندكم من دم وحمية عربية أهدرتموها جرياً وراء السراب.
عقيدة أوباما أو حتى السياسة الأمريكية بأسرها التي تعايشنا معها طوال فترة هذا الرئيس هي التي قادت دول الخليج إلى عاصفة الحزم، عقيدة أوباما هي التي كشفتكم وعرتكم وأظهرت ما تخفي الصدور، عقيدة أوباما هي التي أحيت فينا روح العزة والكرامة بعد أن عشنا في وهم الاعتماد على غيرنا في الدفاع عن أنفسنا، هي التي قادتنا إلى الحزم مع كل من تسول له نفسه العبث بأمننا وبسيادتنا، هي التي جعلتنا نضع أمننا فوق أي اعتبار فكان القانون بالمرصاد والقضاء لإقامة العدل، وهي التي جعلتنا لا نعير اهتماماً لغير مصالحنا وأمننا فكان الترحيل لكل من له علاقة بحزب الله، وهي التي حفزتنا إلى التحالف الإسلامي، أي هي التي قادت دول مجلس التعاون إلى أفعال لا أقوال حفظت بها أمنها وتحولت من مجرد دول تعتمد على غيرها في حماية نفسها إلى دول تساهم في حفظ وأمن السلام الدولي، عقيدة أوباما ليتها تستمر مترجمة في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية، إننا نطلبها طلباً ونتمناها تمنياً، فهي التي حركتنا لقطع رأس الحية الإيرانية في البحرين أولاً ومن ثم في اليمن وقريباً في سوريا، ولولا عقيدة أوباما لما تحركت هذه الدول، الأهم أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تتمكن من وقف تحركنا ولم تنجح في تعطيله، فتفرجت، واليوم حين يتحدث عادل الجبير أو تركي الفيصل فإن وراء تصريحاتهما أفعالاً على الأرض والسماء لا تصريحات تجري في مكاتب مكيفة ومغلقة.
لهذا فإن عقيدة أوباما كانت حقاً سترعبنا لو تناهت إلى مسامعنا قبل عاصفة الحزم، لكنها الآن مجرد تحصيل حاصل، نعرفها وعلى أساسها بل وكانت محفزاً لنا قبل أن تعلن، للتحرك المحمود الذي شهدناه في مارس 2015 لإرجاع الشرعية لليمن وللتدخل المباشر لمقاتلة داعش، وما الرد عليها إلا إعلان عن الموقف الذي سبق الأقوال لا أكثر ولا أقل، إعلان عن الموقف المستقل والحر للمملكة العربية السعودية الذي ما عاد معنياً بموقف الولايات المتحدة الأمريكية حتى لو ترجمت هذه العقيدة لهذا الرئيس إلى مزيد من سياسة البعد عنا.
الشاهد في الموضوع نصيحة للحالمين بمشروع إسقاط البحرين وإسقاط المملكة العربية السعودية، لكم الخيار بالعودة للبيت البحريني الخليجي العربي، أو الإصرار على البقاء على كوكبكم انتظاراً لتفعيل عقيدة أوباما لعل وعسى ترعبنا ونهتز ونضطرب ونخاف.
بإمكانكم التفكير الجدي في كيفية إنقاذ جماعتكم من عزلتهم وإعادة دمجهم في نسيجهم الوطني، وهذا التفكير يتطلب قيادة رأي «ذكية» «لماحة» تجيد قراءة المشهد، لها بصيرة ترى بها المستقبل المظلم لجماعتها إن هي استمرت في غيها الحالي، لها قدرة وجرأة على مصارحة جماعتها توقظهم من سباتهم تعيد تشكيل توجههم تفتح لهم آفاقاً تساعدهم على إعادة الدمج من جديد، وتيسر لهم ولأبنائهم مسح تلك الحقبة السوداء من تاريخهم وسيجدون شعب البحرين والدولة بأسرها مرحبة بهذه العودة، أو.. وهذا خيارها الآخر هو الإصرار على إنكار الواقع والإصرار على السير قدماً إلى المجهول والاستمرار في لعبة التضليل التي مارسوها طوال الثلاثين عاماً الماضية والتي قادتهم من دمار إلى دمار، فإما الانتقال إلى المستقبل أو التعلق بحلم الماضي كل مرة بقشة وهمية مرة بالاتفاق النووي الإيراني ومرة بعقيدة أوباما وغداً الله أعلم بأي قشة أخرى تأخذهم إلى مسافة أبعد في كل مرة ينطقون بها ويحلمون بها، أو هناك خيار آخر وهو الكتابة عن زراعة البطيخ وفوائده.