مشكلة من يصل إلى المكتب البيضاوي في «البيت الأبيض» أنه لا يعتبر نفسه رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية فقط، بل يعتبر نفسه رئيساً للعالم أجمع.
ولهذا نرى التحولات الجذرية في خطابات الرؤساء الأمريكيين بين فترة الترشح للمنصب وخوض المساجلات والمناظرات الإعلامية، وبين حقيقة أفعالهم وسياسات عملهم بعد تولي المنصب.
انخدع الكثيرون باسم «حسين» في اسم الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وظنوا بأنه أخيراً سيأتي رئيس يتعامل مع الأمتين العربية والإسلامية بعين الإنصاف والعدالة، لا من يتعامل معها بناء على المصلحة. وفي نقطة أخرى، انخدع كثيرون بلون الرئيس الأمريكي، وأنه أول رئيس ملون في البيت الأبيض، وأن هذه المسألة فيها إيجابية تتمثل بأن من مثل أوباما لن يقبل بالتمييز والظلم، لكن للأسف كل التوقعات ذهبت أدراج الرياح، فكراهية العرب والمسلمين على ما يبدو «أساس» في اعتقاد أي شخص يتبوأ هذا الموقع.
نقول ذلك على خلفية تصريحات أوباما الأخيرة، والتي فيها كشف قناعه، وتكلم بصراحة عما في قلبه تجاه العرب والمسلمين، وتجاه المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، وكيف أنه -أي أوباما- حاله كحال أي شخص يريد الوصول للمكتب البيضاوي عليه أن يكون حائزاً على رضا جماعات الضغط اليهودية، وعاملاً بما تمليه عليه أقطاب المال اليهودية في أمريكا والتي تملك القوة الإعلامية الضاربة فيها.
مع الولايات المتحدة الأمريكية يمكن توقع كل شيء، إلا التعامل النظيف مع العرب والمسلمين، دول تنادي بشعارات رنانة مثل الحريات وحقوق الإنسان ومحاربة التمييز، لكنها في أساس نشأتها «أبادت» الهنود الحمر، وكانت أول من استخدم أسلحة الدمار الشامل لسحق اليابان.
وعليه فإن انتظار وصول شخص مهووس ومجنون ومتطرف في آرائه وأفكاره مثل الملياردير دونالد ترامب للبيت الأبيض وتحوله لرئيس للولايات المتحدة الأمريكية مسألة واردة الحدوث بقوة.
أوباما حينما أراد أن يمارس لعبة «سيد العالم» في لقاء شهير جمعه مع الراحل الكبير الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله، أسكتته ضربة قوية لخادم الحرمين الشريفين على الطاولة ومقولة حازمة هي «لست أنت من يضع الخطوط الحمراء».
مشكلتهم، أي بعض الرؤساء الأمريكيين، أنهم يظنون بقوة أنهم سادة القرار في العالم طوال فترة 8 سنوات من الحكم، وأنهم هم المتحكمون في مقدرات الأمور، وإن برزت قوة هنا أو تحالفات هناك، فإن الهدف إضعافها أو تفكيكها حتى لو كانت تحارب من أجل قضية عادلة، حتى لو كانت تسير في نفس الاتجاه الذي أعلنت الولايات المتحدة أنها سائرة فيه.
لذلك فإن الاستغراب في تصريحات أوباما «الوقحة» بحق العرب والمسلمين والسعودية، أنه ينتقد من قام بمحاربة التجمعات الإرهابية عبر حرب حقيقية لا حرب إعلامية تدار من «فم أوباما»، ينتقد من تحرك بقوة لتحرير اليمن من الأطماع الإيرانية، وينتقد من شكل أكبر قوة عسكرية عرفها التاريخ الحديث.
لماذا؟! لأن التاريخ سيوثق بأن المأساة التي يعيشها الأبرياء في سوريا، وأن تحقيق السفاح بشار الأسد لرقم قياسي في قتل الأبرياء «قرابة نصف مليون» وتهجير الملايين، سببها الأول هو أوباما ولا أحد غيره، سببها الصفقات الدبلوماسية التي أبرمها مع الروس والإيرانيين، والتي بموجبها تخلى البيت الأبيض عن شعاراته الواهية بدعم حقوق الإنسان ومحاربة الأسد.
أتظنون لو أرادت واشنطن إزالة بشار الأسد هل سيعجزها ذلك؟!
لذلك تطاول أوباما على السعودية وشموله للعرب والمسلمين تحت وصف الإرهاب، وهو يقضي شهوره الأخيرة في البيت الأبيض لونا الأسود أفعالاً، ما هي إلا سقوط متعمد لقناع الدبلوماسية الذي تعب أوباما من وضعه، ليقدم نفسه على أنه صديق للعرب والمسلمين، لكن الحقيقة اتضحت بأنه كاره لهم، وأن اسم «حسين» في متوسط اسمه لا يربط بالعرب بشيء، سوى تذكيره بأن عليه معاداته وكسر شوكتهم.
صرخ أوباما فألقمه الأمير تركي الفيصل أقوى حجر عربي إسلامي سعودي، عبر رد تناقلته الصحف الأمريكية بقلق، وعنونت أخبارها المعنية بالمسألة بتساؤلات حول التعامل السعودي القادم كرد على هذه التصريحات التي فيها إساءات صريحة للدولة العربية والإسلامية الأقوى، والتي لها في الاستثمارات في أمريكا وسبل التأثير الاقتصادي والسياسي الكثير مثلما بين الفيصل في مقاله.
تصريحات أوباما تثبت لنا أن الحاقد على العرب والإسلام سيظل الحقد يملأ قلبه، وأن من يصل لموقعه بسبب «استرضائه» للإسرائيليين وبدعم مالي من أقطابهم الإعلامية والسياسية في أمريكا، لا يمكن أن يستمر لاعباً دور الحمل الوديع طويلاً.
عموماً، نحن نعيش اليوم أقوى مراحل وحدة الكلمة والموقف الخليجي والعربي والإسلامي، وعلى ما يبدو أن «رعد الشمال» لم يبث الرعب في قلوب أعداء الأمة الظاهرين، بل واضح أنه حرك ما يعتمل في قلوب من يدعون صداقتنا، وفي داخلهم يكرهوننا ويتمنون زوالنا.
والله صدقت المصرية التي قالت فيك «شتب يور ماوس أوباما»!