مؤسف أن يعتقد البعض أن دول مجلس التعاون دون القدرة على الدفاع عن نفسها وأنها بالضرورة دون القدرة على أن يكون لها دور مؤثر في تطورات الأحداث أو حتى رأي. هذه النظرة القاصرة من قبل البعض معروفة أسبابها لكنها غير صحيحة، فحال دول مجلس التعاون اليوم يختلف كثيراً عن حالها بالأمس وهي لا تقبل لنفسها غير الدور القيادي الذي تمارسه اليوم ويعترف به العالم. دول التعاون بقيادة المملكة العربية السعودية هي التي تتقدم المشهد اليوم وتديره وتؤثر في مختلف أحداثه، ليس بثرواتها ولكن بمكانتها وخبرتها وسعيها الدؤوب لخدمة الحضارة الإنسانية، وبمواقفها الشجاعة.
حان الوقت ليصحح ذلك البعض نظرته ويغير من مواقفه السالبة تجاه دول المجلس التي هي اليوم حاضرة في كل الساحات وتمارس أدواراً مهمة، فهذه الدول لم تعد تكتفي بمشاهدة ومتابعة ما يدور من حولها وقريباً من دارها ولم تعد سالبة. اليوم تتصدر هذه الدول المشهد العربي وأجزاء كبيرة من المشهد الدولي وبإمكانها أن تصنع قرارات وتلغي أخرى وتوجه الأحداث بالطريقة التي تراها مناسبة وتتماشى مع وجهة نظرها.
دول التعاون أثبتت من خلال اجتماع الدورة الأخيرة لجامعة الدول العربية أنها الرقم واحد في كامل المشهد وأن بإمكانها أن تقول لا في أي وقت مثلما أن بإمكانها أن تقول نعم ومن دون أن تبدي الأسباب. بناء على معطيات معينة وشواهد ودلائل وبراهين قررت أن «حزب الله» منظمة إرهابية فقال العرب والعالم بما قالت، وبناء على معطيات أخرى وشواهد ودلائل وبراهين قررت المملكة العربية السعودية أنها قادرة على تصدر المشهد وتصحيح الكثير من الأمور بـ»عواصف حزمها» فلم يجد العالم غير الإقرار بهذا والتكيف معه. لهذا فإن من غير المعقول أن يستمر ذلك البعض أو غيره في النظر إلى دول مجلس التعاون بتعال وفوقية والاعتقاد أنها ينبغي أن تكون في آخر الصف.
من تابع المقابلة التي أجرتها أخيراً صحيفة «الحياة» مع أمين عام مجلس التعاون الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني لابد أنه لاحظ أنه اهتم ببيان جوانب من القوة التي يتميز بها مجلس التعاون الخليجي فقال إنها «تمتلك اليوم القوة العسكرية القادرة على صد أي اعتداء وأن المجلس كيان راسخ ومتماسك وأنه قادر على مواجهة مختلف التحديات والأزمات الدولية وتحويلها إلى فرص للنمو والارتقاء والتقدم والازدهار» «لكل الأمة وليس لدول المجلس وحدها». أيضاً اهتم الأمين العام ببيان أن مجلس التعاون «يهدف إلى دعم ومساعدة الأشقاء والأصدقاء ونصرة قضايا العرب والمسلمين والإسهام في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي ومساندة جهود المجتمع الدولي في معالجة القضايا الدولية التي تؤثر في الأمن والسلم الدوليين»، كما لفت الانتباه إلى أن النظرة الواقعية والمستقبلية لمجلس التعاون دفعت نحو تقوية وتعزيز قدراتها المشتركة وأعطى أمثلة بقوة درع الجزيرة والمركز الإقليمي للتنسيق البحري وإنشاء منظومة للدفاع الجوي الصاروخي.
أما لو أن ذلك البعض، قاصر النظرة، تابع «رعد الشمال» فلابد أن يكون قد توصل إلى قناعة بأن دول مجلس التعاون قادرة على التصدي للتنظيمات الإرهابية ولمحاولات التدخل الأجنبية في شؤونها، وأن من يمتلك كل هذه القدرات من حقه أن ينظر إليه الجميع نظرة مختلفة، فدول التعاون اليوم بالفعل مختلفة وهي على أهبة الاستعداد للتعامل مع مختلف التغيرات الناتجة عن التطورات التي تشهدها المنطقة والعالم. دول مجلس التعاون هي من يتصدر المشهد اليوم وهي من يقود ويصنع الأحداث ويؤثر فيها، وقد حان الوقت لذلك البعض ولكل بعض أن يصحح من نظرته ويعلم بأنه صار عليه أن ينظر إلى الأعلى ليراها وليس إلى الأسفل كما يعتقد.