يوم أمس مثل الزميل الكاتب الوطني الكبير الأستاذ سعيد الحمد أمام النيابة العامة للاستماع لأقواله في قضية مرفوعة ضده من جهة يعرفها البحرينيون، خصوصاً المخلصين للوطن جيداً.
التضامن الذي حظي به «بوعبدالله» من قبل البحرينيين على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن الحضور، يكشف الكثير من الأمور، أهمها هو رفض البحرينيين المخلصين لاستهداف الأصوات الوطنية المخلصة التي دافعت ومازالت عن البحرين في وقت الانقلاب الفاشل، والتي تصدت ومازالت لمحاولات استهداف بلادها عبر المنابر الإعلامية.
هل المسألة متعلقة فقط بالزميل سعيد الحمد؟!
الإجابة بلا طبعاً، فقبله استهدفت الكثير من الأسماء الإعلامية التي كانت لها مواقف مع الدولة، وركزوا على التوصيف هنا «مواقف مع الدولة»، أي أن هذه الأسماء لم تقم بممارسات ضد بلادها، ولم تجند أقلامها لدعم انقلابيين أو الترويج لمحرضين، أو خطت سطوراً لتشويه صورة البحرين، أو لتلميع جهات تستهدف بلادنا، أو الدعوة للأجنبي والغريب للتدخل في شؤوننا.
وعليه، حينما نتساءل عمن يستهدف المخلصين من أبناء البلد الإعلاميين؟! يكون الجواب لديكم سهلاً وبسيطاً، ويتمثل بأن من يقف على الضفة الأخرى هو الذي يفعل.
أقول إن الاستهداف هنا أبعد من شخص الزميل سعيد الحمد، لأن الهدف منه لا يتوقف عند النيل من بوعبدالله من خلال خنق صوته أو كسر قلمه، بل هو استهداف لجميع من وقف ودافع عن البحرين.
هنا الثقة كبيرة وموجودة في قضائنا البحريني النزيه، هذا القضاء الذي مازال يتعرض لمحاولات تشويه، ومساع لهز صورته، حتى من خلال الممارسات الإعلامية المكشوفة والمفضوحة التي كانت تتكلم بصورة صريحة أيام الانقلاب ومجدت فيما يحصل في «الدوار»، أو تحاول اليوم ممارسة أساليب «الغمز واللمز» التي لا يمكن أن تنطلي على أصحاب المهنة من الإعلاميين المخلصين.
فشل الانقلاب الذي حصل وبدعم إيراني صريح، كان سببه الموجة الإعلامية الوطنية التي بدأت منذ اللحظة الأولى لاستهداف البحرين، وتمثلت عبر مواقف صريحة وواضحة قادتها الأقلام الوطنية وبرز فيها الإعلاميون المخلصون للبحرين، وهو ما يؤكد على قوة الإعلام ومدى تأثيره.
إن كان مكتوباً للبحرين أن تتغلب على محاولة الانقلاب الفاشلة، وتمضي طوال خمس سنوات للعودة إلى حياتها الطبيعية، إلا أن ما يحصل على عدة أصعدة منها الإعلام الأصفر، يؤكد أن المساعي مستمرة، وأن التخطيط يحصل اليوم من تحت الرماد، وأن كلمة أمين عام «الوفاق» علي سلمان بأن العودة ستكون بعد سنوات، ما هي إلا كشف لحقيقة استمرار «خونة الوطن» في عملهم لأجل الانقلاب من جديد.
لذا من المهم ألا تتكرر نفس السيناريوهات، وأن يضمن هؤلاء إضعاف الخطوط القوية التي تصدت لهم، باختلاف المواقع والأدوار، وعلى رأس ذلك «الإعلام الوطني» ومحاولة إضعافه، والسعي للنيل من الأشخاص فيه. وعليه فإننا كنا نأسف لتراجع بعض المسؤولين عن تقوية دور الإعلام الوطني، ومنح المساحة وللأسف لبعض المتنفذين للنيل من الأقلام الوطنية ومحاولة «تغييب» الوجوه الإعلامية التي طالعتنا بدور قوي للدفاع عن البحرين في وقت الشدة والأزمة.
اليوم، إن كنت تريد إضعاف الجبهات الداخلية في أي بلد، وتحويله للقمة سائغة جاهزة للبلع، والسيطرة على عقليات الناس، والنجاح في تضليلهم وتسويق أي شيء عليهم من أكاذيب وفبركات، يضاف إليها خداع المجتمع الدولي والشعوب الأجنبية، فإن عليك خنق الأصوات الوطنية وكسر أقلامها وتحجيم أصواتها.
ما حصل لسعيد الحمد حصل لزملاء قبله، ولن يتوقف عنده، لكن بيت القصيد هنا، بأن كل هذا لن يثني أحداً من الكتاب الوطنيين ولن يدفعه للتقاعس عن الدفاع ونصرة البحرين، فإن كانوا يريدون إسكاتنا فنحن لن نسكت، بل أصحاب الحق لا يسكتون، والوطنيون لا ترهبهم محاولات الترويع ممن كانت أدواره صريحة في معاداة البلد والنيل منه.
لو جئنا لنتعامل بالمثل، فإن العملية أسهل بكثير من استهداف المخلصين، فمن مواقفهم خلال احتلال أدوار ومن استمر في أساليبه حتى يومنا هذا، هو من يمكن مقاضاته وبسهولة، والأمثلة موجودة، والشواهد موثقة، سواء على عمليات الفبركة والتزوير والكذب، أو محاولات النيل بالغمز واللمز بحق الدولة ورموز الحكم فيها، أو النيل من القضاء وأجهزة الأمن، دون نسيان محاولات الاستهداف الصريحة لعلاقات البحرين بشقيقاتها دول الخليج.
من بيته من زجاج لا يرمي الناس بالطوب، والأصوات الوطنية لن توقفها محاولات ترهيب، بل استهدافها أصلاً من شأنه إحياء الغيرة والوطنية في قلوب المخلصين، وهو ما حصل في استهداف سعيد الحمد، فحادثته ذكرتنا بأن العين لابد وأن تكون ساهرة، وأن حسن النوايا لا يجب أن يكون مع سيئ النوايا تجاه بلادنا.