ما يدعونا للاستغراب والحيرة واقعاً هو تجاهل بعض المؤسسات الرسمية للكثير من القضايا التي تمس طبيعة عملهم ومستوى الخدمات لديهم، وعلى الرغم من ذكرنا إسم المؤسسة المعنية بالتقصير وصراحتنا في النقد وطرحنا لنوع المُشكِل في مقالاتنا وغيرها، إلّا أن تلكم المؤسسات الحكومية تتبع سياسة «أذن من طين وأخرى من عجين».
حين تثق المؤسسة الرسمية المقصرة في حق المواطنين والمقيمين بأن لا أحد سوف يُحاسبها أو يلومها فإنها ستتبع سياسة «الحقران يقطِّع المصران»، وكأنها تريد أن تقول «اكتبوا ما تشاؤون» فإننا أكبر من المساءلة كما أننا لا نعير انتقاداتكم أيَّة أهمية، مما يعني أن هذه المؤسسات التي تتغافل عما تكتبه الصحافة عنها مُتَّهَمَة بالدرجة الأولى في عملها، كما أنها تقر ضمنيَّاً بتقصيرها الواضح وذلك من خلال عدم الردَّ على الصحافة والإعلام.
في كل المواضيع التي ناشدنا فيها مجلس الوزراء الموقر حين نلفت عنايته نحو أمر ما أو مشكلة خاصة أو عامة، فلا تمر الساعات القليلة من نشر المقال أو الشكوى حتى نجد القسم الخاص بالرد على الصحافيين والإعلاميين لا يمهلهم سوى سويعات للاتصال بهم وبطريقة لائقة ومتحضرة لمتابعة ما يكتبون والبت في كل شكوى بشكل مُفصل، بينما الذين يتم صرف الملايين على مكاتب العلاقات العامة والإعلام في مؤسساتهم «الراقدة» ربما لا يقرؤون الصحف!
ما يُشجِّع تجاهل هذه المؤسسات الحكومية لكل ما يُكتب في الصحافة عادة، هو ضعف المسؤول الأول عن هذه القضايا، سواء كان وزيراً أو وكيلاً أو مديراً للعلاقات العامة فيها، فالمسؤول الذي يعلم مدى ما يُكتب من كميات النقد حول المؤسسة الرسمية التي يديرها ومع كل هذا لا يحرك ساكناً، فهذا يعني أنه يثبِّت للرأي العام كل ما قد تكتبه الصحافة والإعلام حول فشل إدارته في كثيرٍ من المشاريع والخطط وطبيعة الخدمات المُقدمة للمجتمع.
يستغرب الكثير من المواطنين الذين نكتب عن قضاياهم ومشاكلهم بأن المؤسسة الرسمية «الفلانية» المعنية بهمومكم التي طرحناها لم تتجاوب معنا على الإطلاق، حتى أن بعضهم قال لنا بأنه من الأفضل للدولة أن تحاسب كل جهة مختصة بالرد على الإعلاميين حين تتجاهلهم إمَّا بالمحاسبة أو إغلاق هذه الأقسام التي لا فائدة منها سوى استنزاف الملايين على «الفاضي».
نتمنى أن تقتدي مؤسسات الدولة بمجلس الوزراء الذي يقرأ الصحف باكراً حتى قبل أن يستيقظ موظف قسم العلاقات العامة من نومه في تلكم المؤسسات «الصنم»، فتطوير الإنتاجية والقضاء على الفساد ومتابعة هموم المواطن تبدأ من العلاقات العامة وتنتهي إليها، وحين تنام هذه الغرفة المعنية بمتابعة هذه القضايا فمن الأولى توفير الميزانية الخاصة بموظفيها على أمور تعود بالنفع على الوطن، بدلاً من إهدار المال العام على مجموعة من «العيارين».