كثيراً ما نردد المقولة المأثورة التي تشدد على أهمية «الرزق»، وأنه لابد أن ندرس القرار ألف مرة، عندما يتعلق الأمر بإنهاء فترة خدمة أو عمل فلان أو علان، ذلك العمل الذي يدر عليه «دخلاً» يعينه على مصاريف الحياة والتزاماتها. لذا فكثيرون من أصحاب القرار الذين تغلب عليهم العاطفة انسجاماً مع العقل نجدهم يقعون في أسر المثل الشائع أو المقولة المأثورة «قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق»، إلا أنني شخصياً من مؤيدي القاعدة الشرعية التي تنص على أنه «لا ضرر ولا ضرار».
لذلك لا نقدر أن نضع قرار وزارة الداخلية في مملكة البحرين إضافة إلى دول مجلس التعاون الخليجي على حد سواء في دائرة الاستغراب، إزاء ردة فعلهم المنطقية تجاه «حزب الله» الإرهابي، ومن ثم تنفيذ القرار الحاسم بترحيل مجموعة من الأشخاص اللبنانيين الذين ثبت تعاطفهم وانتماؤهم وتأييدهم لـ«حزب الشيطان»، ذلك الحزب الذي يحاول الاستئثار بالسلطة والتفرد باتخاذ قرارات من شأنها أن تودي بلبنان وشعبه إلى الهلاك.
لم تتخذ البحرين أو أي دولة من دول مجلس التعاون الخليجي قرارات عبثية وغير منهجية وغير منطقية، أو أنها تجردت من الرحمة بقرار إبعاد تلك العائلات عن أراضيها ولا نستطيع أن نقول إنها منعت عنهم الرزق كما يزعم البعض. وليس الشعب هو ضحية خطاب سياسي تاهت فيه النقطة والفاصلة عن موضعهما الصحيح، فالحروف والكلمات كانت مُشكلة بطريقة إبداعية والوقفات والهجمات كانت محبوكة باحترافية، ولا جملة كانت عرضة للسهو والخطأ. وسؤالي هنا «ما هو التحرك الذي قام به الشعب اللبناني في بلده وعلى أرضه كخطوة تندد بالخطابات السياسية التي أودت بالبلاد إلى الهلاك؟!»، حقاً، سياسيو لبنان يأكلون الحصرم وأبناء الشعب يضرسون للأسف.
ليس من العيب، إن كنّا نعيش في بلد ديمقراطي، أن نرفض أن يسيء أي شخص للبلد والحكومة، فما بالنا حين يكون هذا الشخص «ضيفاً» ويحصل على امتيازات تفوق امتيازات أهل البلد في بعض الأحيان! لسبب أننا نقدر الغريب ونقدّم له يد المعين، لكن ليس في المقابل يكون رد الجميل لنا بالتواطؤ مع «حزب الشيطان» لشن هجمات على أراضينا! للأسف فهؤلاء الموالون لـ«ولاية الفقيه» هم من فرطوا في كم النعم التي كانوا يعيشون فيها، ومن البديهي لو لم يكونوا ينعمون بحياة ملؤها الأمان والاستقرار والمستوى المعيشي الكريم لما فضلوا «بلاد الحر» على بلاد «الفصول الأربعة»! ولو لم تكن هذه الدول تغمرهم بالخيرات، لما فضلوا الحياة فيها. علماً بأنهم لم يقدموا شيئاً بالمجان، فكل عمل يقومون به كانوا يحصلون على أجره أضعافاً مضاعفة، مقارنة بما تقدمه لهم بلادهم، وفي حال سيكون الجواب هو «النفي» فإنه من الأَولى العودة لديارهم، وهنيئاً لهم بما يعدون من خيرات، ويا دار ما دخلك شر!