البحرين كدولة تمتلك رصيداً جيداً من الشخصيات الوطنية التي تميزت في قطاعات معينة، وحينما نتحدث عن الجانب الاقتصادي فإن امتلاك خبراء في هذا المجال أمر إيجابي يجب أن تفتخر به الدولة وتستعين به في تحديث خارطة عملها على الصعيد الاقتصادي.
من الأمثلة المميزة على ما نقول السيد عدنان أحمد يوسف رئيس مجموعة البركة المصرفية التي تقع تحت مظلتها مؤسسات عدة من ضمنها بنك البركة الإسلامي الحائز على موقع الصدارة كأفضل بنك إسلامي في البحرين لسنوات متواصلة، بالإضافة لتبوؤ عدنان يوسف منصب رئيس اتحاد المصارف العربية السابق.
مثل هذه الخبرة المتميزة في عالم الصيرفة الإسلامية من المهم جداً الاستفادة منها، ولعدنان يوسف تحليلات اقتصادية مبنية على خبرة طويلة ونظرة علمية واضحة، المتتبع لها يدرك أن البحرين بالفعل لديها أمثلة مشرقة متمثلة بأشخاص لديهم المؤهلات والقدرات التي تصنع التميز.
وأقول تصريحات عدنان يوسف، لأنني أتذكر تصريحاً سابقاً له سبق الأزمة الاقتصادية أشار لوقوعها بشكل صريح، إضافة لتداعيات أسعار النفط، وعليه فإن مثل هذه الشخصيات حينما تصرح وتقدم استقراءات واستشرافات وتوقعات، فإن الاستماع لها أمر لازم وحتمي، لأن كلامها مبني على معطيات ونتاج خبرة متراكمة توصلها لمستوى الاحترافية.
مبعث الكلام هو التصريح الذي نشرته الصحافة يوم أمس لرئيس مجموعة البركة المصرفية، والذي نراه متضمناً لمؤشرات إيجابية عديدة معنية بالاقتصاد البحريني والقطاع المصرفي، من شأنها أن تزيل المخاوف التي تتردد لدينا بشأن الوضع الاقتصادي وتأرجح أسعار النفط ومدى تأثير ذلك على حياتنا ومعيشتنا.
بحسب توقعات الخبير المصرفي البحريني فإن الاقتصاد الوطني سيشهد نمواً مقبولاً بخلاف توقعات بعض الاقتصاديين الذين أشاروا لاحتمالية حصول تباطؤ، وهذا مؤشر إيجابي.
بالإضافة إلى ذلك، فإن استقرار أسعار النفط بدون أية تراجعات سيمكن الدولة من إدارة الاقتصاد بشكل مرض، مع تحقيق عوائد يمكن توظيفها في الصناديق السيادية المدرة للعوائد، والكلام للسيد عدنان.
طبعاً أسعار النفط سجلت وللمرة الأولى منذ ديسمبر 2015 نمواً مرضياً بوصول سعر البرميل إلى 42 دولاراً، في أعلى معدل هذا العام، ما يبدد المخاوف التي تراكمت بسبب توقعات أشارت لبلوغه مستوى أقل من الـ30 دولاراً.
وبشأن القطاع المصرفي والبنوك فإن التوقعات تشير لعدم وجود تدهور، بل على العكس ستحقق بنوكنا المحلية وحتى الخليجية أرباحاً صافية تتراوح بين 8% إلى 10%، والسبب يعود لمبادرات التحوط التي تم اتخاذها لتجنب الأزمات المالية، ما أدى لبناء مخصصات مالية جيدة في مواجهة الأزمات.
ومع التوقعات الإيجابية هذه، هناك تشخيص رائع للخبير البحريني بشأن عملية إعادة التصنيفات الائتمانية التي تتعرض لها دول الخليج، إذ ما نراه هو تغيير التصنيف بسبب قراءات ورؤية مؤسسات التصنيف العالمية، لكن هذه المسألة عائدة كما يبين عدنان يوسف إلى وجود قصور من جانب دول الخليج العربي في أخذ المبادرات الكافية للإعلان عن مواضع القوة في اقتصاداتها ومراكزها الائتمانية القوية، في مقابل وجود مناهج غير سلمية تتبعها مؤسسات التصنيف العالمية، مع ملاحظة أن بعضها يقع فريسة ربط التصنيف بأية أحداث أمنية أو سياسية في دول المنطقة بصورة غير منصفة وغير عادلة.
أعرف أن المزاج العام لدى الناس ارتبط كثيراً بالسياسة، لكن الحديث عن الاقتصاد يمثل الأساس في كل مجتمع، فبدون اقتصاد متعاف نام لا يمكن للدول أن تستقر وأن تتطور. حتى التبعات الأمنية والسياسية لديها ارتباط مزدوج بالاقتصاد، فهي تؤثر عليه وتتأثر به أيضاً.
وعليه من المهم متابعة ما يحصل من تقلبات وتطورات في شأن اقتصادنا المحلي، وحتى يمكن للناس الاطمئنان والتفاؤل لابد من الاستماع لمثل هذه التحليلات الاقتصادية الصادرة من خبراء لديهم مصداقيتهم العالية ويمتلكون الرؤية الصحيحة في التخطيط ورسم السياسات الاقتصادية.