من الأمور المثيرة للسخرية والضحك قول البعض إن الحكومة تريد بهذا الفعل أو ذاك إضعاف «المعارضة» أو إنهاء الاحتجاجات والتضييق على هذه المجموعة أو تلك كي تتفتت وتتوقف عن ممارسة نشاط معين! والقول بأنها مثيرة للسخرية والضحك سببه أن الحكومة – وأي حكومة في العالم – من حقها أن تحمي نفسها وأن تدافع عن نفسها وأن تستخدم كل ما هو متاح من أدوات ووسائل كي يتحقق لها ذلك، ذلك أنه من غير المعقول ولا المنطقي أن تعين الحكومة من يريد الإطاحة بها ويدعو إلى إسقاط النظام بالطريقة التي تريحه وترضيه لأن هذا يعني أنها تعاني من خلل يتطلب علاجاً فورياً. ومثلما أن من حق «المعارضة» أياً كان نوعها ممارسة الأنشطة التي تسهل لها تحقيق أهدافها كذلك فإن من حق الحكومة أن تمارس كل ما يضمن لها البقاء والاستمرار.
هذا لا يعني أن الحكومة تتجاوز وتبالغ في استخدام الأدوات التي في يدها، ولو كان هذا صحيحاً كما يحاول البعض أن يشيع لانتهى المشهد فور بدايته ولما دخلت البلاد في هذه المشكلات، بل إن البعض يعتقد جازماً بأن عدم إقبال الحكومة على استخدام ما تمتلكه من أدوات للتعامل مع الأحداث فور حدوثها هو سبب تعقد المشكلة، وهو تفسير غير بعيد عن الواقع حيث الجميع يعلم مرونة الحكومة وحكمتها وتفضيلها عدم اللجوء إلى الكي إلا بعد أن تقتنع بأن كل العلاجات دونه لم تتمكن من القضاء على الداء.
اليوم مثلاً، وبسبب التطورات المتسارعة التي تشهدها المنطقة وتتطلب أسلوباً مختلفاً في التعامل معها لم يعد أمام الحكومة من خيارات غير التي اتفق عليها خليجياً والتي منها على سبيل المثال التعامل مع داعمي ومؤازري ومؤيدي «حزب الله» والمروجين له والمسهلين لأموره بالطريقة التي يتم التعامل معهم بها حالياً، أي بعد تصنيف هذا الحزب خليجياً وعربياً كمنظمة إرهابية، ولولا هذا لما أقدمت على ترحيل بعض اللبنانيين ممن ثبت تورطهم في دعم هذا الحزب، والذي لا يختلف اثنان على أنه سبب الكثير من «البلاوي» في العديد من البلدان، ولما اتخذت أي إجراء ضد من قرر أن يتحدى القرار الخليجي ويواصل دعمه وتأييده العلني لـ «حزب الله» الذي لم يتمكن حتى الآن من إثبات عدم ضلوعه في الأحداث التي شهدتها البحرين في السنوات الخمس الماضية، بل على العكس يؤكد أمينه العام في كل خطبة من خطبه التي كثرت في الفترة الأخيرة تورط حزبه في دعم ذلك البعض الذي سعى إلى قلب نظام الحكم، وتسبب في كل هذه الآلام التي يعيشها شعب البحرين، الذي ظل طويلاً بعيداً عن كل هذا. ومن يتابع خطب نصر الله يتبين له أنه يحرص على تضمينها فقرة عن البحرين، يهاجم من خلالها الحكومة، ويدعو إلى مناصرة «المعارضة»، ومؤازرتها كي تحقق أهدافها، كما لا ينسى أحد قوله في إحداها «إن تهريب السلاح إلى البحرين ليس بالمشكلة».
الأمر نفسه فيما يخص تصريحات المسؤولين الإيرانيين الذين يعترفون من خلالها أنهم وراء كل ما حدث ويحدث، وأنهم هم الذين يدعمون ذلك البعض بكل ما تسمح به المرحلة، بينما توفرت الأدلة القاطعة على تهريبهم للأسلحة والأموال إلى البحرين مرات عديدة.
من حق الحكومة أن تدافع عن نفسها، ومن واجبها أن تحمي شعب البحرين من كل هذا الذي يحاك ضده، لذا فإن من الطبيعي أن تستفيد من كل الأدوات المتاحة لها لتحقق كل ذلك وإلا تكون قد قصرت في واجبها.
قرار إضعاف «المعارضة» والتضييق عليها وإنهاء أعمال الفوضى والتخريب هدف تسعى الحكومة إلى تحقيقه، وهو حقها، وليس قراراً سرياً.