أخيراً وصل الدور إلى القيادي بالحرس الثوري الإيراني الجنرال سعيد قاسمي «قائد ميليشيات «أنصار حزب الله»، إحدى جماعات الضغط المرتبطة بالمرشد الإيراني علي خامنئي» ليفضح توجهات بلاده ويدعو إلى احتلال البحرين وضمها إلى إيران! وحسب الخبر الذي نشره موقع «العربية نت» نقلاً عن وكالة «تسنيم» التابعة للحرس الثوري الإيراني فإن قاسمي المقرب إلى الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد زعم خلال حديث في ملتقى بمدينة بوشهر أن «البحرين محافظة إيرانية مقتطعة ويجب أن تعود إلى إيران وأن تصبح جزءاً من محافظة بوشهر»، وأن «إيران ستبذل جهودها لإعادة البحرين إلى الخريطة الإيرانية» .
«العربية نت» التي أوردت الخبر علقت عليه بقولها «ليست هذه المرة الأولى التي يطالب فيها مسؤولون إيرانيون بضم البحرين، وذلك في إطار السياسات التوسعية التي يمارسها النظام الطائفي في إيران، ضارباً عرض الحائط بكل القوانين والأعراف الدولية التي تدعو إلى احترام استقلال وسيادة الدول والالتزام بمبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في شؤون البلدان الأخرى»، وبينت أن «أصواتاً بمجلس الشورى الإيراني وشخصيات سياسية وعسكرية عديدة في طهران دعت من قبل إلى احتلال البحرين».
مثال للتخبط الذي تعيشه القيادة في إيران، ففي الوقت الذي يدعو فيه الرئيس حسن روحاني إلى فتح صفحة جديدة ويحاول أن يقنع دول مجلس التعاون بذلك ويتعهد بحسن الجوار ينبري قاسمي ليدعو إلى احتلال البحرين، بينما يكمل خامنئي المشهد برفض كل الدعوات لعدم التدخل في شؤون البحرين ودول المنطقة، زاعماً أن «شعوبها مظلومة وأنه لابد من مناصرتها والعمل على رفع الظلم عنها».
لكن موضوعاً كهذا لا يكفيه رفع منظمات حقوقية دولية خطاباً إلى الأمين العام للأمم المتحدة تعرب فيه عن إدانتها ذلك القول البغيض، وتلك المطالبة المضحكة، فمثل هذا الأمر يحتاج إلى عمل يضع حداً لهذه الترهات والتهديدات التي تصدر عن النظام الإيراني بين الحين والحين، ولن يكون مقبولاً من الحكومة الإيرانية بعد تكرار هذه الادعاءات القول إن فلاناً أو علاناً يعبر عن نفسه فقط، حيث الجميع يعرف من هو هذا الشخص، ومدى قربه من صانع القرار في إيران، ويعرف مدى قرب من سبقوه منه، ويعرف أنه «مدزوز» منها ليرمي هذه القنبلة ويتسبب في تعكير الأجواء، أو بالأحرى في زيادة تعكيرها.
عندما زار الرئيس الإيراني السابق البحرين وسأله أحد الزملاء خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده في قصر القضيبية القديم عن تصريح مماثل لهذا الذي صرح به قاسمي كان قد تفوه به آخر مقرب منه قال ببساطة إنه لم يسمعه! واستعجل السؤال التالي.
الأكيد طبعاً أن تصريح المدعو قاسمي هذا لن يكون الأخير، فبعده سيأتي آخرون ليقولوا مثل ما قال وليرددوا ما تريده منهم القيادة الإيرانية ترديده، والأكيد أيضاً أن نفي القيادة الإيرانية وقولها إن قاسمي يعبر عن نفسه وليس عن القيادة لن يكون الأخير فهي ستقول عن غيره أيضاً ما قالته أو ستقوله عنه. المثير أنه رغم أن هذه اللعبة صارت مكشوفة إلا أن إيران لاتزال تمارسها من دون أي تغيير، ما يؤكد أنها تعتقد أن الآخرين دون القدرة على استيعاب ما يدور وفهم ما تقوم به وما ترمي إليه.
لم يعد مناسباً السكوت عن مثل هذه التصريحات اللامسؤولة، ولا يكفي قيام المنظمات الحقوقية الدولية رفع رسالة احتجاج إلى بان كي مون الذي لن يجد أمامه سوى التعبير عن قلقه، كما لا يكفي قيام وزارة الخارجية تسليم إيران مذكرة احتجاج شديدة اللهجة. هذه المرة ينبغي القيام بعمل ما -لا أعرفه- لتدرك إيران أن مثل هذه التصريحات تضرها هي قبل أن تضر غيرها.