عادت إيران من جديد إلى «هلوساتها» بشأن البحرين، ولكن هذه المرة عبر أحد قياديي الحرس الثوري الإيراني رئيس ما يسمى بـ»أنصار حزب الله» الجنرال سعيد قاسمي، بالرغم من أن إيران هي من سعت في الوقت ذاته إلى الصلح والتهدئة مع دول الخليج العربي، فكيف تسعى دولة إلى الصلح وتقوم في نفس الوقت بالمطالبة باحتلال إحدى تلك الدول؟!
لطالما سعت إيران إلى قلب الحقائق وتزييفها، ونحن في البحرين بالذات نعاني من تناقضات إيران، التي لا مثيل لها، حيث تتلون كالحرباء، ولا تجيد الثبات على موقفها، وهذا «المهلوس» سعيد قاسمي يعبر عن ذلك باحترافية عالية، شأنه في ذلك شأن القيادة التي ينتمي إليها.
وما ادعاه قاسمي في تصريحه «العرمرم» حول احتلال البحرين باعتبارها -مثلما هلوس- محافظة إيرانية اقتطعها الاستعمار، يؤكد اتجاه إيران دائماً لقلب الحقائق ونشر الأكاذيب على الشعوب الأخرى لاحتلال أراضيها، فهذا ديدنها وعاداتها منذ دولة المقبور إسماعيل الصفوي، التي قامت على الاحتلال والقتل والدمار، فالتاريخ يشهد على ذلك، ويشهد كذلك أن فارس لم تترك يد المستعمر الغربي يوماً، حتى مكنها من احتلال أراضي الآخرين، وهذا الجنرال عليه أن يعود إلى تثقيف نفسه في تاريخ أمته الفارسية وما فعله أسلافه عندما وضعوا أياديهم في أيدي المحتلين في العهود السابقة كالبرتغاليين والإنجليز.
ثم إن الاستعمار الحديث الذي استشهد به قاسمي يجعلنا نتساءل، أليس هذا هو نفس الاستعمار الذي سلم الأحواز العربية إلى أجدادك قبل أكثر من 90 عاماً وتحديداً في 1925؟! فهذا الإقليم العربي الذي تبلغ مساحته 375 ألف كلم مربع وعدد سكانه ما يقارب 11 مليون نسمة، 95% منه من العرب، هو الذي من المفروض أن يعود إلى الحضن العربي، بعد احتلال الإيرانيين له بمعاونة الاستعمار، فالأحواز هم خط الدفاع الأول للأمة العربية من الأطماع الفارسية التي تقوم على التوسع والتغلغل في الدول العربية ضمن أهداف استعمارية بحتة، لا علاقة لها بالدين أو المذهب الذي تتخذه إيران ذريعة وحجة، لتضليل عقول بعض المغيبين الذين يعيشون بيننا في دول الخليج العربي.
إن القضية الأحوازية يجب أن تجد لها سبيلاً لدى الأمة العربية، فلا ينبغي السكوت عن الاحتلال الإيراني الغاصب لهذه الأرض العربية، ومثلما لدينا احتلال إسرائيلي لفلسطين، فهناك أيضاً احتلال فارسي للأحواز، وهاتان القضيتان لابد أن تسيرا في اتجاه واحد من حيث الاهتمام العربي، وعلينا ألا ننسى أن احتلال الأحواز كان بداية لتوسع المشروع الفارسي الإيراني عبر احتلال جزر الإمارات الثلاثة، ثم سيطرة طهران على العراق ولبنان وسوريا، ومحاولات الإيرانيين الفاشلة في اليمن والبحرين. لذلك علينا كعرب ألا ننسى الأحواز الآن كما نسيناها سابقاً.
إن نظاماً قائماً على ما هو قائم عليه الآن حري بنا ألا نثق فيه، بل هو أبعد ما يكون عن الثقة، فهو نظام لا أمان له، بسبب اتجاهه الدائم نحو زرع الفتنة وشق وتشتيت الصفوف، وهي صفات لا تنطبق إلا على الدول الاستعمارية، فعلينا كدول خليجية وعربية ألا ننخدع بـ»المكياج» الإيراني الذي يضعه نظامه بين فترة وأخرى، فالوجه القبيح لهذا النظام الاستعماري ظاهر للجميع.
وأعتقد أن هناك رسالة أرادت إيران أن توصلها للبحرين عبر جنرالها قاسمي، لكن هذه الرسالة لا يمكن إيصالها، فحبرها مكتوب بالطائفية العمياء، والحقد الدفين على مملكتنا، ونحن البحرينيون شعب عربي، لا نساوم على عروبتنا ولا على قيادتنا، وعلى هذا الجنرال أن «يلعب غيرها»، أو يمارس «هلوساته» بعيداً عنا، فنحن -وإن شذت فئة عن الدرب السوي- لا يمكن أن نكون صيداً سهلاً للإيرانيين.