تلقيت دعوة مؤخراً لمشاركة عضوات جمعية الحكمة للمتقاعدين الاحتفال «بعيد الأم»، ولم أتأخر عن تلبية الدعوة، فقد كنت متحمسة جداً لمشاركة أولئك النسوة هذا اليوم المميز، والاحتفال معهن بعيد الأم.
وعلى الرغم من طابع البساطة والعفوية الذي طغى على الاحتفال، إلا أنه كان مليئاً بالمشاعر الصادقة، التي أضفت على المكان جواً بهيجاً رائعاً، تزينت النسوة بالملابس الشعبية مثل ثوب النشل والجلابيات المطرزة، وجلست كل عضوة تروي لنا قصة عن الأم والعلاقة بين الأم وأبنائها، والاختلافات بين العلاقة سابقاً وحديثاً، وقامت كل أم تتباهى بالهدية التي قدمها أبناؤها لها بهذه المناسبة.
والظريف في الموضوع أن كل عضوة تصل للسلام علي تسألني «هل أنتِ متقاعدة»؟ فأجيبها بالنفي، فتشحذ في الهمم، وتوصيني أن أكمل مسيرة العطاء، ما دمت قادرة على ذلك. وتوصيني أن أعمل من أجل البحرين، ومن أجل رفعة وسمو هذا الوطن. حتى بدأت أشعر أن هناك علاقة بين عيد الأم والوطن!! كيف لا والوطن هو الأم المشتركة التي تأوينا جميعاً، وأن بر الوطن واجب ودين علينا، يجب أن نوفيه إلى آخر يوم في حياتنا.
أما الموقف الذي أثر في كثيراً فقد كان لإحدى عضوات الجمعية، جاءت لمصافحتي، وأخذت تتفحصني بنظرات غريبة وقالت لي بطريقة يملأها الاندهاش والفضول والريبة «أأنت الكاتبة لولوة بودلامة»؟ فأجبتها: نعم، فضمتني وقالت لي والدموع تنسكب من عينها «أأنتِ التي تشرفتي بمقابلة جلالة الملك مؤخراً؟!، فأجبتها بعزة وشرف: نعم، فقالت لي باللهجة الدارجة: «يا حظج .. ودي أشوفه قبل لا الله يأخذ أمانته وتغمض لي عين.. ورفعت يديها تدعو الله، «عسى الله يكتب لي وأشوفه.. يا رب يا حبيبي حقق لي حلمي بشوفته».. أثرت كلماتها الصادقة في، لدرجة أنني تجاوزت حدودي، ومسحت دموعها، وقلت لها «ملكنا يعرف حجم حبكن له، وهو يبادلكن نفس الشعور، إن شاء الله بتشوفينه».
لن أنسى كلماتها المعبرة ما حييت، ولن أنسى دموعها، وتعابيرها العفوية، كانت كلماتها صادقة جداً في تعبيرها والتي عبرت فيها عن رغبتها في مقابلة عاهل البلاد المفدى. وكلماتها البسيطة التي استخدمتها لتصف شعورها كانت في غاية الصدق، فما يخرج من القلب يصل إلى القلب مباشرة.
كان الاحتفال مع أولئك النسوة المتقاعــــدات رائـعــاً جداً، وسيطر عليــه الحس الوطني «فالوطن أم»، كما أكدت جميع العضوات، اللاتي ساهمن بكل جدارة في المشاركة في بناء الوطــن ورفعته، واللائــــي ما زلن يجُدن بما يستطعن تقديمه للمشاركة في بنـــاء المجتمــع، شكراً جزيلاً لكن لدعوتي لمشاركتكن احتفالكن الرائع بعيد الأم، وكل عام وكل أمهاتنا وأوطاننا بخير وسلام.