نحن كدول خليجية وعربية وإسلامية تربط بيننا قواسم عديدة، على رأسها وأهمها رابط الدين، نفتقد اليوم إلى «وحدة قوية متراصة».
وحين نقول ذلك، فإننا لا ننتقص من حجم الجهود الواضحة التي تبذل في سبيل توحيد الصف والكلمة والموقف، وهنا نخص المملكة العربية السعودية أعزها الله دوماً نظير جهودها في هذا الجانب.
لكن للأسف نقولها، مازلنا نعاني من نواقص، ومازال هناك خلل يقف أمام عملية توحيد الصف والكلمة والموقف.
إذ في كثير من الأحداث والوقائع قلما نجد إجماعاً تاماً، رغم أنه هو الحل وهو السبيل لمواجهة تلكم الأمور، فغالباً ما نجد من يشذ أو يتمثل بصوت وموقف مغاير، وهنا تقل نسبة قوة المواقف، فبدلاً من أن تكون بنسبة 100?، نجدها أقل لأن تلك الدولة أو غيرها إما مترددة عن وضع يدها في يد أشقائها، أو أنها لا تريد الدخول معهم مراعاة لمصالحها الخاصة.
لذلك، وهو الشاهد هنا، فإننا دائماً نكون في ترقب وتطلع إزاء أية قمة عربية أو خليجية وحتى إسلامية، بأن يقف الإخوة والأشقاء في مواقف موحدة، وأن يكونوا أصحاب كلمة واحدة أمام من يستهدفهم. وللأسف حينما يتم استقراء رأي الشعوب في تلك الدول بشأن تطلعاتهم من هذه القمم، لا يكون التفاؤل موجوداً بشأن الخروج بموقف واحد بـ «الإجماع» دون أن يشذ طرف أو أكثر.
في الحرب الدائرة اليوم على الإرهاب، لابد وعلى دول الخليج العربي خاصة والدول العربية عامة والإسلامية أيضاً أن تحرص على توحيد الكلمة ورص الصفوف، أن تحرص على التحرك معاً في تناغم وتوافق، أن تكون الخطوات جماعية لكن وكأنها خطوات رجل واحد، جيوش تضم ملايين لكنها حين تتحرك تعمل وكأنها على قلب رجل واحد.
لا نريد ضرب الأمثلة والمقارنة مع الغرب، لكن للضرورة أحكام، فصحيح أننا نتميزعنهم بوجود الروابط القوية بالنسبة للدين والعروبة، لكنهم للأسف تميزوا عنا بأمور أخرى، تجلت فيها الوحدة والتعاون والموقف الواحد أكثر منا نحن أمة الدين الواحد والمصير الواحد والنبي الواحد.
في شأن الإرهاب على وجه التحديد، حينما ضرب الإرهاب أوروبا لم تتردد دولة واحدة عن التمثل بموقف موحد تجاه ما حصل، بل لم نسمع أصواتاً نشازاً وكأنها تتشمت بما أصاب الدولة التي تتشارك معها الحدود أو المصالح التجارية أو حتى العضوة معها في الاتحاد الأوروبي، أو أقلها تتجنب التعليق على ما حصل.
هناك رأينا تصميماً جاداً على محاربة الإرهاب وإبعاده عن المجتمعات، وكان لسان حالهم وكأنه لسان الدولة التي ضرب فيها الإرهاب، كلهم في نغمة واحدة، وكلهم في موقف واحد، وكلهم موقفهم واضح، لا تلون، ولا تردد، ولا حياد، ولا انعدام للتعليق، ولا شيء شاذ عن البقية.
لكن للأسف لدينا وجدت حالات وكأن الإرهاب الذي يضرب دولة من دولنا في الخليج أو العالم العربي، لا يعني الدول الأخرى، لا يعني حتى الجارة، ولا يؤدي إلا لبرقيات مواساة أو اتصالات بروتوكولية، حتى الاجتماعات العاجلة بدأت تنحسر وتغيب، وحتى الإجراءات التي تتطلب إجماعاً ويمضي فيها أعضاء لا يتحمس لها أعضاء ويغيبون عنها.
لسنا هنا ننتقص من قدر ومكانة أحد، أبداً على الإطلاق، فرسم سياسات الدول تكون وراءه مبررات ومنطلقات وبواعث، وكل دولة حرة في مواقفها، لكننا نضرب أمثلة ونقارب أوضاعاً بيننا وبين الغرب، ونقول بحسرة، إن بعض المواقف التي يتمثلون بها هي من باب أولى أن تكون هي مواقفنا نحن الأمة الواحدة التي لو كنا جادين في وحدة صفوفنا وكلمتنا لأصبحنا قوة تهابها كل قوة عالمية مهما كانت.
لدينا جامعة دول عربية منذ عقود طويلة، فما الذي يعيق توحد العرب بصورة متكاملة، بالأخص عسكرياً في ظل الوضع الراهن الذي يمر به العالم؟!
لدينا مجلس تعاون خليجي منذ عقود، فهل يعقل أننا لا نسعى لتوحيد جيوشنا الخليجية بشكل رسمي، يصنع لدينا ترسانة تسلحية يهابها الطامع والحاقد؟! لا الاكتفاء بتشكيل حربي بعض الدول تساهم فيه بقوة وبعضها حد الكفاف؟!
الملك عبدالله رحمه الله طرح فكرة الاتحاد الخليجي، والتي معها كان تفاعل الغرب أقوى من تفاعل المعنيين بالأمر، الغرب تفاعل خوفاً وقلقاً مما تعنيه المسألة، لكننا لم نتحرك بقوة لتحويلها لواقع وحقيقة.
واليوم تواصل السعودية مساعيها لتوحيد الجميع، فكان تحالف القوات المشتركة لقطع الأيادي الإيرانية في اليمن، وشهدنا بعدها «رعد الشمال» والذي أجزم بأن كل خليجي عروبي وإسلامي افتخر به لأنه كان مثالاً للعزة والشموخ.
أليس حلمنا جميعاً وحدتنا، وإيماننا بأنها هي الطريق الأصح لحماية بلداننا وشعوبنا؟! فماذا ننتظر إذن؟!