في أول يوم لي في دراسة الدبلوم العالي للقيادة، سألنا المدرس عن الفرق بين الإدارة والقيادة، وبشكل أوضح سأل ما الفرق بين المدير والقائد؟
وأخذ كل منا يجتهد ليصل إلى الإجابة الصحيحة.
قال أحدنا: المدير هو القائد والفرق مجرد اجتهاد وتطور لغوي ليس إلا.
وقال ثان: القائد هو الذي يتمتع بمهارات القيادة المتطورة، وهو يأتي في مرتبة أعلى من المدير.
وأجاب ثالث: القائد يعمل في نفس الفريق مع موظفيه ويكسر حاجز الرئيس والمرؤوس.
وذكر رابع: القائد هو شخص ملهم قادر على قيادة من يعمل معه ولديه «كاريزما» خاصة يجعل الآخر يتبعه برضا تام.
وأضاف آخر: المدير يطبق لائحة القوانين بحذافيرها على موظفيه أما القائد فيعمل هو وفريق عمله بانسجام مع عدم الإخلال بالقوانين.
اختتم المدرس حديثه قائلاً «القائد هو شخص ملهم، قادر على صياغة الخطط بالتوافق مع موظفيه، هو شخص شجاع يستطيع اتخاذ القرارات الصحيحة، ويعترف بأخطائه ويتحمل أخطاء فريقه، يكتسب القائد مهارته القيادية في عمر مبكرة بعيداً عن المنصب». وأنهى الأستاذ كلامه بأنه «ليس أي مسؤول أو مدير، هو قائد، فهناك العديد من المديرين والمسؤولين وقلة من القادة، ولهذا استحدث مجال القيادة واستحدثت المناهج الدراسية».
وفاجأنا بقوله إنه «قد ينجح الكل في الحصول على شهادة القيادة، ولكن لا أعدكم مطلقاً أن نخلق منكم قادة ما لم تكونوا تتحلون بالصفات الفطرية للقادة، وتملكون من الخبرة الكثير، فالقيادة مرتهنة بالخبرة العملية».
ونشاهد من حولنا أشخاصاً كثيرين في مناصب متعددة لا تنطبق عليهم شروط القيادة بتاتاً. نراهم يسكنون في أبراج عالية ولا يعرفون ما يدور حولهم إلا من خلال أوراق يسمونها في علم الإدارة «بالتقارير»، بالإضافة لاعتمادهم على أشخاص معينين ينقلون لهم ما يدور في محيط العمل «من وجهة نظرهم»، وحارس بوابة شرس يتحكم في تدفق الأشخاص والأفكار إلى داخل مكتب «المسؤول» الذي يعتقد أن مهامه الرئيسة في العمل هي الإدارة من أعلى!!
لا أعمم ولا ألقي التهم جزافاً، فلدينا عدد من القادة، نراهم في كل موقع وفي كل حدث، قلوبهم مفتوحة قبل مجالسهم، ويرحبون بالجميع. ونراهم في مكان «الحدث» ونراهم يتخذون القرارات الحاسمة إذا اقتضى الأمر.
ولا أجد غرابة في أن يمنح صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء جائزة القـيــــادة المتميــــزة. فسموه مثال للقائد الحق الذي نجده شخصياً في كل المواقف، وكما اعتاد البحرينيون القول «ما للصعاب إلا خليفة».