الأسبوع الماضي كان أسبوعاً حافلاً بالشعر، احتفلت فيه كل مؤسسة ثقافية حكومية كانت أو أهلية بيوم الشعر العالمي، كل على طريقته، وكل حسب برنامجه. فهيئة البحرين للثقافة والآثار احتفت بالشاعر الكبير نزار قباني، عبر مجموعة فعاليات. وأسرة أدباء وكتاب البحرين احتفت بالشعراء البحرينيين عبر أمسية خاصة أقامتها وسط المنامة. واستضاف مركز عبدالرحمن كانو الثقافي شاعرين كبيرين من العراق والمملكة العربية السعودية. فكان أسبوعاً ثقافياً شعرياً متنوعاً بامتياز.
لماذا نحتفل بالشعر؟ لماذا الشعر تحديداً؟ حين أقرت منظمة «اليونسكو» الاحتفال بيوم الشعر العالمي في اجتماعها عام 1999، هدفت إلى تجديد الاعتراف بالشعر، وإعادة الزخم للحركات الشعرية تعلماً وإبداعاً. وإذا كان الشعر عند الكثير من الأمم هو الفن الأول الذي تجلى ضمن إطارات فنية أخرى، سواء كان المسرح أو الغناء أو حتى الأساطير والترانيم الدينية، فإنه عند العرب قدمائهم ومعاصريهم يعد أدب الأمة الأول، والخيط الغليظ الذي ترجم تاريخ الأمة العربية، هبوطاً وصعوداً، حرباً وسلاماً، أملاً وانكساراً، ليس من جهة كونه وثيقة تاريخية أو اجتماعية، بل من حيث كونه أداة قديمة للتعبير عن الرأي والرؤية، ووسيلة ذاتية لقراءة ما يحدث وإعادة ترجمته، أو إعادة قراءة الواقع وإعادة صياغته كما نراه، إما منتظماً وواضحاً أو مشظى وعبثي. فنحن لا نرى الأمور كما هي عليها، ونحن جميعاً لا نرى الحياة بالعين ذاتها.
ويظن الكثيرون أن تعليم النصوص الشعرية قد تراجعت كفاءتها في الوطن العربي، استناداً إلى أنواع النصوص الشعرية المختارة في مراحل التعليم المختلفة، واستناداً إلى منهجية تعليمها شرحاً وتحليلاً، واستناداً أيضاً إلى انخفاض منسوب الحفظ في المناهج التعليمية العربية، تعللاً بقاعدة غير صحيحة، مفادها أن الحفظ مهارة دنيا يجب تجاوزها!! هذا التراجع يفسر به الكثيرون تراجع الحركة الشعرية وقلة صعود الشعراء المبرزين والمبدعين حقاً.
الأمم التي تتقدم، تتقدم الحركة الأدبية والثقافية فيها بدرجة لا تقل عن التقدم التقني والاقتصادي والاجتماعي. والأمم التي تبلغ ثقة في المنجز الحضاري هي الأمم التي تتسع فيها حاشية الحرية في الحركة الأدبية والفكرية، لأنها تستوعب أن الرأي هو إضافة حقيقية وأن كل إبداع هو رصيد إنجاز، ولذلك استحق الشعر في البحرين احتفاء واحتفالاً.