لا يبدو الأمر مستغرباً من تصريحات الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وإظهار عداوته للعرب، ومحبته المبطنة لإيران، فسلوك المرء وتصريحاته شواهد واضحة، على ما يؤمن به، وما يعزز من ذلك أفعاله، أوباما صفحة واضحة، ونقطة سوداء في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، ليس فقط لأنه صرح منذ شهر في اللقاء الصحافي معلناً عن عقيدته وما يكنه للعرب من كره أظهره قبل انتهاء فترة رئاسته، بل أيضاً لأنه قاد الشعب الأمريكي بتقيته إلى هاوية العداوة مع الجميع، برغم أن التقية والنفاق ليستا من صفات القيادي وليستا أيضاً من الصفات الدبلوماسية لرئيس دولة عظمى لها كيانها وقوتها وجب على كل من يرأسها أن يحافظ على اسم بلده ويصون إنسانية الشعب الذي اختاره أن يمثله، الرئيس القيادي والدبلوماسي هو من يصادق الجميع وليس من يقود بلاده وشعبه إلى الهاوية بصراعات وحروب مع شعوب العالم، بعدما كانت هذه الشعوب تتمنى أن تعيش في أمريكا، وأن تحلم معهم بالحلم الأمريكي الذي يؤمن بالديمقراطية والحرية والإنسانية قبل كل شيء.
أمريكا صورت نفسها للشعوب الأخرى بأنها شعلة لا تنطفئ من الحرية، وأنها منارة للعلم يقصدها الجميع، فمؤسسوها وضعوا مجموعة من الفلسفات والأخلاقيات، وتمنوا أن يتحقق ذلك، وأن يعيش الشعب الأمريكي المثالية في العيش الكريم، يصون كرامته وينال حقوقه جميعها، ربما كان ذلك حلمهم وعاشت معهم معظم الشعوب هذا الحلم، كون من وضع هذه المبادئ هم أشخاص وطنيون من الدرجة الأولى، ولا نلوم من يحلم ويجتهد ويبني حتى تكون بلاده حلماً بالنسبة للشعوب، بشرط ألا يكون هذا الحلم على حساب الآخرين واضطهادهم، أو كتم حريات الشعوب الأخرى، فالحلم الأمريكي كان في زمن ما -وليس في هذه الأيام- حلم الكثيرين، يطالبون بمطالب بسيطة مثل العيش الكريم واحترام البشر، باختلاف دياناتهم وأعراقهم وأجناسهم وطوائفهم، فكم من عالم وكم من مثقف وكم من شخص بسيط في المعرفة والمال هاجر إلى أمريكا ليحقق حلمه الذي يوافق الحلم الأمريكي، فهل الحلم الأمريكي جاء على حساب الحلم العربي؟ مع أن كلا الحلمين لا يختلفان في جوهرهما، فكلاهما يدعوان إلى تحقيق السعادة والازدهار والحرية والحياة الكريمة والمساواة وتحقيق العدالة بكل معانيها، بل إن الحلم الأمريكي كان حلم الشعوب العربية، فكيف لشخص أن يستصغر من الحلم الأمريكي؟ مثلما فعل أوباما، لا يبالي ولا يكترث بحلفائه في كل مكان، فهل على الرئيس المنتظر أن « يرقع» ما هدمه أوباما من صداقات واتفاقات خصوصاً مع منطقة الخليج والمملكة العربية السعودية تحديداً؟ وهل إدارة أوباما تريد أن تحقق الحلم الأمريكي أم تريد أن تحقق الحلم الإيراني؟!
أمريكا بعد الثورة في إيران كانت تستبعد فكرة قيام الدولة الإسلامية في منطقة الشرق الأوسط، ولكنها استحسنت ذلك مع هجوم جورج بوش على العراق بمساعدة الإيرانيين واحتلالها لأهداف يعرفها الجميع، ولم تمانع قبل خروجها من العراق بأن تسلمها لإيران بالرغم من أن أمريكا كانت تسوق بأنها سوف تضع حداً لانتهاكات إيران، ولكن كل ذلك بدا مثل المسرحية، برعت أمريكا بأن تمثل دور الوسيط في الشرق الأوسط، بينما تتفق من تحت الطاولة مع إيران، فالتحالف الأمريكي الإيراني بدا أكثر وضوحاً، ولكن ما لم يمكن أن يتنبأ به أوباما أن الحلم العربي بدأ يتحقق ليحقق كرامة الشعوب العربية والحفاظ على كيانها العربي، وإن شاء الله سيتحقق بتحالف الشعوب العربية والإسلامية، أما بالنسبة للأحلام الأخرى فهي مجرد أضغاث أحلام.