السؤال الذي يبحث اليوم عن إجابة حاسمة هو ألا من نهاية لهذا الذي حدث هنا قبل خمس سنوات، وأريد لهذه البلاد به ما أريد؟ هذا السؤال المهم تندرج تحته أسئلة أخرى كثيرة أبرزها، إلى هذا الحد عصية هذه المشكلة على الحل؟ لماذا لاتزال هذه المشكلة التي هي بالقياس إلى مشكلات أخرى كثيرة عانت وتعاني منها شعوب ودول عديدة من دون حل؟
منطقاً لابد من الوصول ذات يوم إلى نهاية لهذه المشكلة وإغلاق القوس الذي فتح، فلا يمكن للقوس أن يظل مفتوحاً إلى ما لا نهاية، لكن الواقع وللأسف الشديد يقول - حتى الآن على الأقل - غير هذا خصوصاً وأن مسألة العودة إلى الحوار الذي تعطل مرات لم تعد واردة طالما أن الطرف الذي تسبب في المشكلة لم يحاول طوال الفترة الماضية الاستفادة من المساحة المشتركة والبناء عليها بغية الاقتراب من الباب المفضي إلى حيث يمكن التوصل إلى الحل النهائي والمرضي للجميع.
مرات عديدة اقترب الجميع من اللحظة المنتظرة لكنهم لم يبلغوها، ورغم أن كل الأطراف تؤمن الآن أن عليها كي تصل إلى نهاية يرضى عنها الجميع أن تقدم التنازلات مهما كانت مؤلمة، إلا أن أمراً كهذا لم يحدث أيضاً، وتطورات الأحداث تعين على القول إنه لن يحدث، على الأقل في المنظور القريب، فتقديم التنازلات في عقلية «المعارضة» العربية مقرون بمعنى الهزيمة حتى مع الاقتناع بأنها تنازل للوطن ومن أجله وليس للحكومة أو لأي طرف آخر.
حل أي مشكلة لا يكون بخلق مشكلة أخرى كما فعل أولئك الذين قرروا في لحظة أن يركبوا موجة ما سمي بـ «الربيع العربي». لم ينكر أحد بمن فيهم الحكومة أنه كانت هناك مشكلات ونواقص وأمور تحتاج إلى إعادة نظر وملفات مهمة ينبغي التعامل معها وحسمها، لتأثيرها السالب على المعيشة، لكن كل ذلك لم يكن يستدعي ما قام به ذلك البعض الذي هداه تفكيره إلى أنه يمكن حل تلك المشكلات بابتداع مشكلات جديدة، وبفتح الباب على مصراعيه للأجنبي – دولاً ومنظمات حقوقية دولية – ليطل برأسه.
اليوم وبعد مرور خمس سنوات على بدء المشكلة، لا يختلف اثنان على أن هذا الوطن الجميل قد تضرر كثيراً وخسر كل هذه السنوات من عمره، وصار لابد من إيجاد نهاية لمعاناته، ومعاناة هذا الشعب المحب للحياة والمساهم بفاعلية في الحضارة الإنسانية، واليوم وبعد كل هذا الذي حدث صار على كل من يهمه أمر مملكة البحرين أيضاً أن يدلو بدلوه ويعين على التوصل إلى الحل، فما يجري في البحرين يهدد بعدم استقرار كل المنطقة خصوصاً مع استمرار إيران في محاولاتها للتدخل في مشكلة البحرين وعدم قدرتها بعد على استيعاب أن البحرين دولة عربية مستقلة.
ليس مستحيلاً توصل الأطراف ذات العلاقة بهذه المشكلة إلى حل نهائي لها لكن الأكيد أنه صعب، والأكيد أيضاً أنه ليس وارداً القبول بتدخل أطراف خارجية لتحقيق ذلك، فهل حان الوقت لتدارس المشكلة على مستوى مجلس التعاون الذي أثبت في الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة أن عواصفه حازمة؟
ربما كان هذا هو الطريق الذي ينبغي أن نسلكه للتوصل إلى النهاية بعد كل هذا الذي جرى وبعدما تبين وثبت بالدليل القاطع أن من تسبب في المشكلة دون القدرة على إيجاد حل لها، وأنه مع هذا مستمر في عناده ومحاولته تحقيق حلمه المستحيل. لا يمكن ترك القوس مفتوحاً، والمتغيرات على الساحة لم تعد تسمح باستمرار بقاء الحال على ما هو عليه، والنجاح الذي حققته عواصف الحزم الخليجية يشجع على تكرار التجربة وتحقيق نجاحات أخرى.