سعادة السفير الأمريكي وليم روبوك أهلاً بك أولاً في البحرين، وتعقيباً على لقائك مع صحيفة البلاد يوم أمس أود التأكيد على أن اللغة التي تتكلم بها سعادة السفير هي لغة من كلف بترميم العلاقة بينكم وبين شعوب المنطقة، ترميم هو خارج نطاق العلاقة الرسمية بين الولايات المتحدة الأمريكية وأنظمة الحكم الخليجية بل يمتد لمخاطبة الشعوب مباشرة، فإن كانت هناك رغبة حقيقية في «تحسين» و«ترميم» ما هدمته الإدارة الأمريكية الحالية في السنوات الأخيرة من مدة رئاستها بشكل غير مسبوق، هدم يقر به الأمريكيون أنفسهم قبل أن نشكوه نحن كشعوب خليجية، فإننا نحتاج سعادة السفير أن نعيد ترتيب الأمور أولاً وفقاً لتسلسل الأحداث التاريخية حتى لا تضيع القصة الأصلية، فتلك أسس من أسس الطبائع العربية هذا إن أردت أن تخاطبنا كشعوب عبر وسائل إعلامنا.
فإلى غاية أكتوبر 2010 تم الثناء على نموذج الإصلاحات السياسية البحرينية من قبل الإدارة الأمريكية واعتبر «المودل» البحريني نموذجاً يحتذى للمنطقة وهذه الشهادات موثقة صوتاً وصورة للرئيس جورج بوش، ولا داعي للتذكير بالشهادات التي نالتها البحرين من قبل منظمة العفو الدولية ومن قبل مجلس حقوق الإنسان ومن قبل مؤسسات التصنيف الائتماني ومن قبل محكمين اقتصاديين وضعوها في مراتب متقدمة في مؤشرات التنافسية والشفافية وكسر الاحتكار وفتح الأسواق، تلك شهادات كما قلنا لا يمكن إغفالها لأنها ليست آراء وانطباعات إنها أحداث موثقة.
فجأة وبدون مقدمات والربيع العربي للتو قد بدأت ثوراته في المنطقة وبعد عدة شهور من آخر تصريح يثني على البحرين من قبل الإدارة الأمريكية، وصفت الإدارة الأمريكية الجديدة في مايو 2011 من على منبر الأمم المتحدة الإصلاحات السياسية البحرينية بأنها غير جدية وغير ذات مغزى وأنه على البحرينيين أن يجلسوا مرغمين مع ما كان يسمى حين ذاك بـ«الوفاق» تزامناً مع التصريحات الإيرانية التي تدعو البحرينيين للرضوخ لذات المجموعة!! لقد أغفلت الإدارة الأمريكية وجود شعوب لهذه المنطقة تماماً ولم ترَ غير مجموعة انقلبت على الدستور وعلى الإصلاحات التي كانت إلى ما قبل عدة أشهر إصلاحات نموذجية!
سعادة السفير أي حديث عن مستقبل العلاقات البحرينية الأمريكية لابد أن يمر عبر تلك الحقائق والوقائع والتي كما قلنا هي ليست تحليلات أو انطباعات أو هلوسات لا أساس لها، بل وقائع موثقة بالصوت والصورة والرجوع لها متوفر على الهاتف النقال من خلال «اليوتيوب» أو أي من وسائل التواصل الأخرى، ولا نحتاج كبحرينيين لا كإعلاميين فحسب أن نزور أمريكا ونتبادل الخبرات كي «نفهمها» أو «نطلع عليها عن قرب».
لقد طعنت الولايات المتحدة الأمريكية حلفاءها في الظهر، وتخلت عنهم، وهنا لا أتكلم عن طعن لأنظمة حكم بل لشعوب المنطقة، الشعوب التي لم تعرفها الإدارة الأمريكية بشكل جيد وتجاهلتها، لذلك لا نستغرب إن كانت عقيدة الرئيس الأمريكي ترى أن الحل لأزمة المنطقة يكمن في تقاسم المنطقة بين إيران والسعودية حتى تنتهي أزماتها، وكأن هذه الأرض لا يسكنها إلا أشباح لا تراهم العين المجردة.
لذا فإن تبديل التسميات أو تغيير المصطلحات أو مئات الزيارات لن يغير من أثر تلك الوقائع وأثر تلك التصريحات الموثقة صوتاً وصورة على نفوسنا، كما أنه لن يفيدنا أن نعيد ونكرر ما كنا نقوله طوال السنوات الخمس الماضية، نحن وجميع الشعوب العربية لأننا نعرف ما الذي تبدل وما الذي تغير من السياسة الأمريكية تجاه المنطقة خلال السنوات الخمس الماضية.
فإن أردنا سعادة السفير أن ننطلق للأمام قدماً، وإن رغبنا أن نعيد ترتيب أوراقنا من جديد، وأن نعالج أثر الطعن في ظهورنا، وإن كانت الرغبة مشتركة لفتح صفحة جديدة، إن أرادت الولايات المتحدة الأمريكية أن تعيد الروابط التاريخية بيننا وبينها وكلفت سفراءها بهذه المهمة، فعليها أن تقوم بذلك على ضوء احترام عقول بعضنا البعض والتحدث صراحة وبشفافية وبدون ما نسميه نحن باللغة العربية التي تجيدها «لف ودوران» ومن بعدها ممكن أن نصغي لما تقول.
وتفضل بقبول فائق تحياتي وتمنياتي لك بالتوفيق في مهامك النبيلة.