هذا بالضبط الوصف الذي يجب أن يحاربه كل بحريني مخلص لبلاده بشكل خاص، وطبعاً في العموم يحاربه أي إنسان يريد لعجلة التنمية والتطور أن تتحرك بقوة في بلاده.
البحرين عانت كثيراً من عمليات تشويه صورة، سواء في العقد الماضي أو قبل خمسة أعوام، إذ كان الهدف إضعاف البحرين اقتصادياً، والعمل بفعل فاعل لإرهاب المستثمرين وإخراج رؤوس الأموال منها.
طبعاً المعادلة تقول، إن البيئة غير الآمنة لا يمكن الاستثمار فيها، ولا يمكن لأية صناعات أن تنهض، ولا للاقتصاد أن يصمد، وهو ما حصل تماماً في العراق وحتى سوريا وبعض بؤر التوتر والصراع.
رأس المال جبان، وهي مقولة شهيرة يعرفها الاقتصاديون تماماً، وليست أبداً انتقاصاً من المستثمرين والاقتصاديين بل على العكس هي تشير للذكاء والحصافة في اختيار مواقع الاستثمار، ففي عملية تنمية الأموال يكون «الموقع» أحد العوامل الرئيسة، وكلما كان مناسباً وفيه مقومات إيجابية كلما كتب للاستثمار الديمومة والتطور والنماء.
البحرين فيها مقومات عديدة لاستقطاب الاستثمار ولتنويعه وللنهوض به، والنتيجة من ذلك تنعكس إيجاباً على اقتصاد البلد وتدفع بعجلته للدوارن بقوة، بما يدعم الناتج القومي ويقوي الإيرادات وطبعاً سيكون مردوده الإيجابي على المواطن نفسه.
إن كنا نتحدث عن الجوانب الأمنية وتأثيرها، فنقول إننا ولله الحمد والفضل أن البحرين عادت أمنياً على ما كانت عليه من استقرار وطمأنينة، وذلك بفضل الجهود المخلصة المبذولة التي يضطلع بها عناصر الأجهزة الأمنية بالأخص وزارة الداخلية التي بان بوضوح تأثير عملياتها وجهودها في إرساء الأمن والتصدي للمخربين والإرهابيين.
عجلة الاستثمار عادت لتدور بشكل طيب، لكننا كطموح نريد لها أن تدور بشكل أقوى وأسرع وتيرة، وهناك جهود ملموسة تبذل من قبل الجهات المعنية بشأن الاقتصاد الوطني وأوجه تنميته وتنشيطه، ولعل المرحلة الجديدة التي يدخلها مجلس التنمية الاقتصادية باعتباره الذراع الاقتصادي والاستثماري للدولة والحكومة تحمل معها تحديات صريحة تتواجه مع الطموحات، وذلك وضعا في الاعتبار تأثيرات الأزمة المالية وتأرجح سعر برميل النفط.
رغم ذلك، فإن هناك نجاحاً في فتح أبواب جديدة واستقطاب استثمارات تعود في النهاية بالفائدة على البلد، لكن من الاستحالة الجزم بأنه لا توجد معوقات وأمور تحتاج إلى ضبط وتعديل.
حتى نكون بيئة استثمارية صحيحة، ونكون بيئة جاذبة للاستثمار واهتمام المستثمرين لا طاردة لهم ولرؤوس أموالهم، لابد وأن نعيد إحياء شعار «Business Friendly» الذي دشنه مجلس التنمية قبل سنوات، مع إدراكي بأنه موجود ومستمر العمل به كشعار لعمليات المجلس، إلا أن هدفي من القول إننا نضمن شمولية كافية الممارسات والخطوات والإجراءات لمفهومه ومضمونه.
بعض المستثمرين يبدأ بالمقارنات مع الدول القريبة، وتكون المقارنة مرتكزة على سهولة الإجراءات والتسهيلات المتاحة، وطبعاً السرعة في إتمام متطلبات استقطاب الاستثمار وبدء العمل على الأرض.
هذه النقطة بالتحديد هي مربط الفرس بالنسبة لأصحاب الاستثمارات، فلا أحد سيحبذ الاستثمار في بيئة «غير صديقة» و»غير ودية» و»غير سلسة» من ناحية الإجراءات.
طبعاً لسنا نصف إجراءاتنا المحلية بهذا الوصف، لكننا نقول إن هناك حالات فضلت أن تستثمر في مواقع أخرى، فقط لأنها مرت بتجارب غير طيبة، ولم تمضِ أمورها بالسلاسة المتوقعة أو السرعة المطلوبة.
وعليه فإن دورنا اليوم ليس فقط بالترويج للبحرين كبلد يمتلك مقومات الاستثمار الناجح، بل علينا الحرص أن نطور في إجراءاتنا ونسهلها أمام رؤوس الأموال وأصحابها، حتى يدركوا من خلال سلاسة المعاملات والتسهيلات المقدمة أنهم بالفعل في المكان الصحيح.
اليوم إن كان من دور مطلوب من قبل السلطة التشريعية الممثلة بالنواب، فإنه يتركز على عملية دعم جهود التنمية والاستثمار في البحرين، عبر التنسيق مع مجلس التنمية الاقتصادية والأجهزة المعنية بمنح التراخيص والتسهيلات لتصحيح أوضاع بعض التشريعات والإجراءات، بحيث تكون أكثر فعالية وديناميكية وذات سرعة منطقية معقولة، تزول معها التعقيدات أمام المستثمر، وتبدلها بتسهيلات وإجراءات احترافية متقدمة تخلق الرضا لدى المتعامل، وتقدم الصورة الحية على أننا بالفعل نمتلك بيئة صديقة للاستثمار.
كل دينار يخرج من البحرين إلى دولة أخرى بهدف الاستثمار هو خسارة لاقتصادنا الوطني، وكل دينار يدخل لها هو مكسب لا محالة. بالتالي مع استتباب الأمن، من الخطأ جداً أن تكون بعض الإجراءات هي سبب عزوف ونفور بعض المستثمرين، ومع ذلك يستمر تطبيق هذه الإجراءات.
دعم الاقتصاد ليست مسؤولية منوطة بمجلس تنمية أو وزارة صناعة وتجارة أو وزارة مالية فقط، بل مسؤولية أطراف عديدة معنية به ومتداخلة مع حراكه، حتى المواطن له دور هام وأساسي في ذلك.