الحوثيون ينفذون الخطة الإعلامية نفسها المعتمدة لدى إيران والتي صارت خبيرة فيها بسبب كثرة استخدامها، التركيز في حرب إعادة الشرعية إلى اليمن على الجانب الإنساني ومحاولة استدرار العواطف، لهذا فإن جرعة المشاهد التي تظهر معاناة الجرحى وصور القتلى وخصوصاً من الأطفال والمرافق العامة المدمرة لسبب أو لآخر تزداد بشكل مستمر. هذا النوع من الإعلام يعتمد على المبالغة في تصوير الواقع والحقيقة ومعتمدوه يعتقدون أنهم بهذه الطريقة يمكنهم دفع العالم إلى اتخاذ موقف سالب من الطرف الآخر الذي يتم إظهاره بصورة المعتدي والوحش الذي لا يعرف الرحمة وليس في قلبه مثقال ذرة منها.
من تابع ويتابع نوعية الصور واللقطات التي يتم بثها عبر فضائيات الحوثي والإيراني و»حزب الله» عن الحرب في اليمن يلاحظ أنها تنقسم إلى قسمين، الأول صور أطفال يعانون من جروح وكسور يتلقون العلاج في مستشفيات تعاني من ضعف الإمكانات أو صور لأطفال يتم إخراجهم جثثاً هامدة من تحت الأنقاض، والثاني البيوت والمرافق العامة والمصانع المسوية بالأرض، وكل هذه الصور واللقطات يرافقها حديث عن قصف قوات التحالف العربي الساعي إلى إعادة الشرعية واتهامها بالتجاوز واللاإنسانية وغياب الضمير والاعتداء على الحياة.
ورغم أن هذا النوع من الإعلام باتت أهدافه ووسائله معروفة ومكشوفة للجمهور إلا أن الحوثيين وإيران لايزالون يعتمدونه بغية الزعم بأن ما يجري هو نتيجة اعتداء قوات التحالف العربي على اليمن وأنه ضمن خطة معتمدة لتدمير اليمن وآثاره وقتل الحياة فيه، والقول إن هذه القوات بعيدة عن الأخلاق. هذه الصور واللقطات تمتلئ بها فضائيات «المسيرة» اليمنية، و»العالم» الإيرانية، و»المنار» اللبنانية، والفضائيات الأخرى التابعة لها، وتساندها في ذلك المواقع الإلكترونية والتغريدات التي يؤمل أن تحقق الغرض ذاته.
الفكرة التي تعتمدها إيران والحوثيون و»حزب الله» دائماً هي العمل على إظهار هذه القوات على أنها متوحشة ولا علاقة لها بالأخلاق وبالإنسانية، ومن ثم فإن على دول العالم التي تبيع الأسلحة على دول التحالف العربي أن تتخذ قراراً بعدم بيع الأسلحة عليها لأنها -حسب ما تسعى إيران والحوثيون ومعهم «حزب الله» إلى ترويجه-ستستخدمه في قتل الأطفال وتدمير الحياة في اليمن وفي كل بلد لا يسير وفق هوى هذا التحالف أو قادته.
هذا إعلام بائس مفضوح، وهو يأتي بنتائج إيجابية ومهمة في البداية، لكن الكثيرين وبعد أن يعرفوا الحقيقة يصعب عليهم تصديق أي صور أو لقطات حتى لو كانت حقيقية فينفرون منه ويرفضونه. إلى جانب هذا النوع من الأخبار تسعى إيران والحوثيون و»حزب الله» الذي حظي أمينه العام بإشادة لافتة من زعيم المتمردين الحوثيين في كلمته المتلفزة الأخيرة وفي التجمع الشعبي الذي أقيم في صنعاء بمناسبة مرور عام على بدء حرب استعادة الشرعية، تسعى إلى تمرير رسائل ملخصها أنهم يحققون تقدماً غير عادي في مختلف الجبهات وأنه لن يطول الوقت حتى ترفع قوات التحالف الراية البيضاء، لهذا صاروا يبثون وينشرون عشرات الأخبار عن تعرض هذه القوات لمذابح تودي بحياة عشرات الجنود في اليوم الواحد «آخر الأخبار من هذا النوع «مصرع» نحو أربعمائة من قوات التحالف ومعهم قادة كبار»، وبالتأكيد فإن هذا الإعلام لا ينسى توفير فيديوهات قصيرة يستفاد في إعدادها من الأرشيف في محاولة لإقناع الجمهور المتلقي والقول إن «هذه اللقطات من المعركة التي يتم الحديث عنها والتي تكبدت فيها قوات التحالف تلك الخسائر».
إعلام أقل ما يقال عنه إنه خبيث ولا علاقة له بالصدق لأنه ببساطة يعتمد على الكذب وعلى المبالغة في تصوير الأمور، ولو كانت تلك الأخبار أو حتى بعضها حقيقية لتمكن ناشروها من حسم المعركة منذ زمن.