اثنان وعشرون دقيقة مرّت كالبرق.. كلمات حسان ومواقف صريحة من دون تزييف أو تلفيق أو حتى رتوش تغري الأذهان. كلمات تترجم مواقف حقيقية مر بها أحد الشبان الشجعان خلال بداية حياته ومسيرتها والتي شهدت الكثير من التحديات.. تواضع ورقي في الأداء مع نبرة صوت عفوية تدخل القلب دون استئذان.. أسلوبه الشيق والذي يتخلله بعض الوقفات الحاسمة في حينٍ لا تخلو وقفاته وعباراته من روح الدعابة والتي تكسر بكل حنكة وذكاء رتابة ذاك الخطاب الذي نسمعه في المنتديات والفعاليات.. إنه ليس كلام من الغزل المعسول بقدر ما هو حقيقة تعكس الموقف الملحوظ، والذي لم يكن في ورقة، مدون ومكتوب ومنه مسرود.
فمن كان متواجداً تاريخ 27 مارس في قاعة الشيخ عبد العزيز بن محمد آل خليفة في جامعة البحرين، كان له من الحظ الوفير لحضور افتتاح مؤتمر الشباب الدولي، والذي أطلقته وزارة شؤون الشباب والرياضة للسنة الثامنة على التوالي، بحضور يفوق السعة الاستيعابية للصالة.
نعم، فقد تمكن سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة ورئيس اللجنة الأولمبية البحرينية خلال كلمته في الحفل الافتتاحي للمؤتمر، ان يأسر الحضور الكريم، ولا سيما الشباب الذين كانوا يستمعون لكلمات سموّه ويتجرعون من نهر العزيمة والإصرار الذي كان ينثره بأحاسيسه الصادقة. لا أخفي عليكم سراً، وبعكس المعتاد في سماعي للخطابات الافتتاحية، فقد كنت هذه المرة حريصة أشد الحرص ألا أشتت انتباهي بأي شيء يذكر، كي لا يضيع عن مسامعي عبارات الإشراق والتحفيز، والتي سردها سموّه بمجموعة من القصص الشخصية. حيث كان يحاول أن يُظهر خلال الوقت القصير كل جهده في أن يُبين للشباب أنه لم يفت الأوان بعد، سواء كنت في العشرينيات أو في قطار الأربعينيات أو أي عمر كان. فحاول أن تستغل كل فرصة تأتي بين يديك بالطريقة المثلى، وأن الشاب البحريني يمكنه أن يقدم الكثير وينجز الأكثر. فلا تدع اليأس يُحد من طموحاتك ولا تجعل نفسك رهينة لكل الأفكار السلبية التي تحيط بك.. اكسر جدار العزلة عن أحلامك وطاقاتك..
صدقني يا سمو الشيخ، يا شيخ الشباب، أنهيت كلامك والشباب والشبان كانوا يقولون في قرارة أنفسهم وأنا معهم، «أرجوك تابع فنحن نريد المزيد والمزيد، فحديثك شيق وفيه من العبر الكثير، ولا تُقل علينا فنحن بحاجة لمن يسمعنا ويأخذ بيدنا إلى الطريق الصحيح».
وبعد الخطاب سرحت بذاكرتي لـ «طاولة الحوار»، تلك الطاولة التي جمعتَ حولها كل الشباب من جميع الأطياف، أتذكُر عندما استمعت لكلامهم ووحدت مفاهيمهم وأعنتهم على تخطي أزمة كادت أن تأخذ البلاد إلى زلزال يهد الكيان؟! فاسمح لي أن أتمنى عليك يا صاحب العقل والاتزان أن تعيد فكرة «طاولة الحوار»، ولتكن «طاولة لقاء الأحباب»، لأننا كشعب فقد عُرف أسلافنا وأجدادنا بالتسامح والطيبة والعطاء، ولا نأمل من هذا كله إلا أن تبقى صفوفنا موحدة، في ظل قيادتنا الحكيمة وشبابها القيادي المغوار. ولابد هنا من تقديم الشكر الجزيل للقائمين على هذا المؤتمر، وعلى رأسهم الوزير الشاب هشام بن محمد الجودر وزير شؤون الشباب والرياضة. وصدق الشاعر حيث قال:
النـعـم والكـفـو والطـيـب والفـعـل الـجـزيـل
مـع بيـاض الوجـه والمـدح وعـلـوم الـرجـال
تجتمـع لـك كلهـا يـا الأصـيل بــن الأصـيـل
يـاعـريـب الـجــد والـعــم يـاعــرب الـخــوال
اتـخــذت الـعــز مـنـهـج ولا غــيــره بــديــل
منـهـج لــك ناهـجـه مــن قديـمـات اللـيـال
مـع طريـق المرجلة ما تعرف المستحـيـل
تمشـي الــدرب بعزيـمـه تـهـد لـهـا جـبـال