سباق جائزة البحرين الكبرى لطيران الخليج للفورمولا واحد، تحتضنه مملكة البحرين الغالية للمرة الثانية عشرة، مع أسبقية كوننا الدولة الأولى في الشرق الأوسط والخليج العربي التي تحتضن هذا النوع من السباقات، والتي تعتبر ثالث أكثر رياضة مشاهدة واهتمام حول العالم بعد بطولة كأس العالم والألعاب الأولمبية.
يخطئ من يرى الحدث على اعتبار أنه حدث رياضي بحت، في نظرة ضيقة لا تطبق أصلاً عالمياً على كل أنواع الرياضات العالمية، فقبل المنافسة الرياضية في مثل هذه المسابقات، هذه الفعاليات تعتبر استثماراً متنوعاً للدول التي تحتضنها.
ترون تهافت الدول والذي يصل لمرحلة الاقتتال والاستهدافات الإعلامية في عمليات استضافة الأحداث العالمية، بالأخص كأس العالم والألعاب الأولمبية، والسبب أنها ليس مجرد أحداث رياضية بقدر ما هي «استثمار» سواء مالي أوإعلامي.
لذلك كانت فكرة وجود حلبة دولية لاستضافة سباقات «الفورمولا واحد» فكرة ذكية، نجح «عرابها» في البحرين سمو ولي العهد حفظه الله في إقناع مالكي حقوق هذه الرياضة على رأسهم البريطاني بيرني إيكلستون بقدرة البحرين على الاستضافة والنجاح فيها.
هذا التحرك كان قبل خمسة عشر عاماً، والبحرين تحتضن اليوم النسخة الثانية عشرة، والرقم بحد ذاته يكشف الكثير من خلاله تحليله.
أمس وفي حلبة البحرين الدولية استضافتني إذاعة البحرين عبر مكتبها الموجود في منطقة الفعاليات الترفيهية، ووجهت لي بعض الأسئلة المعنية بسباقنا هذا العام.
بخلاف الأسئلة المعتادة عن الأهداف من وراء الاستضافة، والعوائد الاقتصادية، وتنشيط السياحة، واستقطاب اهتمام المواطنين والمقيمين والزوار، كان أهم سؤال معني باستمرارية استضافة البحرين للسباق.
طبعاً أوضحت أن الاستضافة البحرينية لسباق «الفورمولا واحد» العالمي ستمتد لأكثر من عقد أيضاً مع التجديد الأخير من قبل مالكي الحقوق الحصرية للسباق لحلبة البحرين الدولية. لكن هذه الاستمرارية تعني الكثير لو أردنا الوقوف عندها، ولها أبعاد هامة لابد وأن يتم التركيز عليها، بالأخص في خطابنا الإعلامي المعني بالبحرين.
أولاً، حينما تقوم شركة «بليونية»الموارد عالمية المستوى مثل شركة إدارة سباقات الفورمولا واحد بالتجديد للبحرين في استضافتها لسنوات ستصل إلى قرابة ربع قرن، فإن هذا يعني مباشرة أن البحرين كبلد «مكان مثالي» جداً، لاستضافة الأحداث العالمية التي تستقطب جماهير عديدة. طبعاً «المثالية» من ناحية الأمن وسلامة الناس، ومن ناحية البيئة الملائمة، وحسن التنظيم وتطور مستواه وارتقائه للمستويات العالمية، إضافة لذلك تميز العنصر البشري البحريني، وهو الانطباع الذي نسجله دائماً لدى منظمي السباقات والسائقين والزائرين، خاصة وأن سباق البحرين يشارك في تنظيمه وإدارته بمختلف المهام والمستويات كوادر بحرينية شابة مؤهلة، تعبت مملكة البحرين من خلال حلبة البحرين الدولية والأجهزة المعنية برياضة السيارات مثل الاتحاد البحريني للسيارات ونادي المارشالز والأندية الأخرى، في تهيئة الكوادر وإعدادهم وتدريبهم، وهو ما ينعكس إيجابياً كل عام على سباقنا والصورة الجميلة التي يخرج بها.
ثانياً، وهي نقطة هامة، الاستمرارية لسباق البحرين هي أكبر رد على كل محاولات تشويه صورة البحرين، ومحاولة تشويش النظرة العالمية لمملكتنا، بالأخص ممن لهم ضلع في محاولة الانقلاب في 2011 والذي يستميتون مع احتضان البحرين لكل حدث عالمي، إما ليخربوه، أو يشوهوا صورة البلد، أو يضللوا وسائل الإعلام.
طبعاً هذه المحاولات فاشلة، واليوم يتأكد فشلها بقوة مع مضي البحرين في تميزها بتنظيم الأحداث العالمية على رأسها «الفورمولا واحد»، حتى أن كثيراً من الأجانب الحاضرين لهذه الفعاليات يتفاجؤون بالفارق الكبير عما يرونه على الأرض وفيما يقرؤونه على وسائل التواصل الاجتماعي.
في الحلبة أمس وفي حديث سريع مع أحد الزوار الأجانب، يقول لي بالحرف: «أنا مندهش»، ظننت أن البحرين ستكون في شكل آخر، لكن حين وصلت وزرتها وتجولت فيها «زاد استغرابي»، إذ أين هي المظاهر السلبية التي يتحدثون عنها.
سألته «مصدرك طبعاً «تويتر»، وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي»؟!
أجاب بنعم، فقلت له: إن أردت معرفة حقيقة البحرين عليك أن تزورها، لكن لو اقتصرت على «تويتر»، فستجد أن هناك من يحاول أن يصور البحرين كبلد قامع للحريات وأن الناس تموت في الشوارع، والمفارقة أن هؤلاء لن تجد لهم سطراً يتطرق لجرائم الإنسانية الرهيبة التي تحصل في سوريا أو انتهاكات حقوق الإنسان في إيران والعراق. في «تويتر» بسبب هذه الحسابات والتي أغلبها «وهمي» وتحت «أسماء مستعارة» وأصحابها «لابسو براقع» متخفين، سيتخيل لك بأن في البحرين ثورات ومواجهات وأنها بؤرة حرب، لكن حين تزورها ستكتشف أن البحرين بلد أمن وأمان، يحتضن فعاليات عديدة، فيه من وسائل الترفيه العديدة، مجمعات ومطاعم وحدائق وغيرها، أما التخريب فهو يحصل في مناطق معينة، ويقوم عليه بعض قاطني هذه المناطق الذي يخربون مناطقهم بأنفسهم ويضيقون على قاطنيها. الفكرة هنا، بأن «الفورمولا واحد» حديث يمثل الكثير للبحرين، ويمكن من خلاله الاستفادة في كثير من الجوانب، إعلامياً في إبراز اسم البحرين ومنجزاتها وتصحيح الصورة المغلوطة المشوهة بتعمد عنها، وطبعاً يضاف لها العوائد الاقتصادية.