ثمة فارق بين أن يخطئ موظف عادي وأن يخطئ مسؤول كبير. وثمة فارق بين أن لا يحسن موظف عادي التقدير في التصرف في موقف ما، وألا يحسن مسؤول رفيع التقدير في التصرف في الموقف نفسه. التجارب أثبتت أن أخطاء الموظفين تعالج وتمر مرور غير الكرام، وأخطاء المسؤولين تتحول إلى قضية رأي عام، ولا تمر إلا كإعصار يقتلع في طريقه العديد من الرؤوس.
وفي الكثير من الدول في العالم يتسبب بعض المسؤولين في حرج كبير للحكومات، يضطرها إلى إقالة المسؤول أو تقديم اعتذار علني أو تغيير بعض اللوائح والقوانين أو تقديم تعويض للمتضررين. وحدثت غير مرة أن تسبب مسؤول ما في إقالة حكومة بأكملها وإعادة تشكيلها من جديد. وقبل عدة أشهر تم إقالة مسؤولين مصريين من المنصب ذاته، بسبب ما سمي «زلة لسان»، حيث تلقفت وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي الجملة التي زلت من لساني المسؤولين وحولتهما إلى غضب شعبي عارم، أحرج المسؤولين فاضطرهما إلى تقديم استقالتهما تحت وطأة الضغط الجماهيري الكبير. وقد حاول الاثنان إعادة تفسير «الزلة» ثم الاعتذار عنها، ولكن دون فائدة.
ومن أهم حيثيات الأخطاء التي يقع فيها المسؤولون وتتحول إلى أزمة رأي عام، كالتي حدثت للإخوة المصريين، هي عدم تقدير المسؤول لحساسية الموقع الذي يشغله، وعدم إدراكه تمام الإدراك أنه مستهدف بالضرورة وأن عليه أن يتقن عملية إدارة موقعه الوظيفي، بما لا يسمح بوجود ثغرات ينفذ عبرها المتربصون، بالحق أو بالباطل. ومن الملاحظ شغف الكثير من المسؤولين بالظهور في وسائل الإعلام كالقنوات الفضائية أو الصحف، أو شبكات التواصل الاجتماعي، وخصوصا التقاط صور «السيلفي» والتعليق في الـ «سناب تشات». لكن بعض المسؤولين ربما يفتقدون الوقار الذي يجب أن يتحلوا به، وهو كذلك ما يجعلهم يندفعون في التعليقات والتعقيبات غير المحسوبة والإحساس بشجاعة خادعة بالقدرة على المواجهة، والخوض في الجدال الذي غالبا ما ينتهي بـ «زلة لسان» تُسقط المسؤول من منصبه.
وعليه ربما صار لزاماً على حكوماتنا أن توفر دورات مستحدثة للمسؤولين الجدد الذين يتقلدون مناصب رفيعة لتعليمهم أصول البروتوكولات الجديدة التي تحميهم في مختلف ظروف تعاملهم مع عامة الناس، وتدربهم على كيفية إدارة علاقاتهم الاجتماعية الجديدة في الواقع المنفتح الذي نعيشه. وقبل هذا وذاك على الحكومات التأكد من اتزان المسؤول الجديد الذي تختاره بالقدر الذي تتأكد فيه من كفاءته المهنية لمنصبه الجديد.