كما بينا يوم أمس، مشروع استضافة «الفورمولا واحد»، وأقول «مشروع» وليس «سباق»، مضت فيه البحرين لا لكونه فعالية رياضية عالمية فقط، بل لأنه «مشروع» متشعبة الاستفادة منه.
طبعاً أوضحنا بأن الاستفادة من استضافة هذه الفعاليات العالمية تتركز في جوانب عديدة، على رأسها عملية «بناء السمعة»، من ناحية استقطاب الاهتمام العالمي وإبراز البلد بصورة مشرفة مميزة، بالإضافة إلى تقديمها بأسلوب تسويقي ذكي، معه تستقطب اهتمام المستثمرين والباحثين عن فرص اقتصادية في منطقتنا.
لكن أيضاً كفعالية ضخمة، لابد وأن يتم التعامل معها من ناحية استثمارية، بحيث تكون مصدراً لدعم الاقتصاد الوطني.
في الإحصائيات السنوية بحسب التقارير التي تعلن عن العائد الاقتصادي لاستضافة سباقات «الفورمولا واحد»، فإن المتوسط خلال السنوات الماضية يصل لسقف الـ500 مليون دولار.
طبعاً هناك من يتعامل مع الرقم بطريقة غير عملية، مع احترامي لكل الآراء، فبحكم خبرة عمل سابقة في إدارة دائرة العلاقات العامة بحلبة البحرين فإن المداخيل التي تعود على البحرين من خلال استضافة السباق العالمي تنقسم إلى نوعين، الأول مباشر ويدخل إلى حلبة البحرين الدولية من خلال عائدات بيع التذاكر إضافة لتأجير كافة معدات الحلبة على الفرق المشاركة، من مباني فرق وأجهزة وحتى أبسط شيء يتمثل في علب المياه المعدنية، إضافة لحقوق البث التلفزيوني والتي تدخل مبلغاً ضخماً لا يستهان به.
ثانياً، العوائد غير المباشرة، وهي التي تتضمن الرقم الأكبر من الاستفادة الاقتصادية، حيث تتمثل بالانعكاسات الإيجابية للاستضافة من ناحية إشغال الفنادق والشقق السكنية، إضافة لانتعاش المواصلات من ناحية حركة سيارات الأجرة، إضافة لتأجير السيارات من الوكالات المعنية بذلك، ضعوا فوقها عوائد السياحة الداخلية من ارتياد الزوار للمطاعم والمجمعات، والتسوق الذي ينتعش بشكل واضح.
لذلك نقول رداً على من يحاول التقليل من حجم الاستفادة من استضافة سباق «الفورمولا واحد»، بأن النظرة تجاه هذا الاستثمار الرياضي غير صحيحة أو غير موفقة.
لنتذكر، نحن نطالب الدولة دائماً بابتكارات جديدة في عالم السياحة والاستثمار، نحن نطالب الدولة بل نلومها في هذا الجانب إن هي قصرت في تنشيط الحركة السياحية، أو أغفلت استقطاب الفعاليات الكبيرة والمهرجانات العائلية.
وعليه كنا نقول دائماً، بأن فعالية مثل «الفورمولا واحد» ينبغي دعمها بقوة، لأنها اليوم باتت تمثل واجهة رياضية للبحرين، بات تأثيرها الإعلامي على سمعة البحرين كبيراً جداً وملحوظاً، وكثيرون يرون ذلك حينما يسافرون للخارج ويسألون من أي بلد هم. في السابق، كثيرون كانوا لا يعرفون البحرين وأين موقعها الجغرافي، لكن اليوم غالبية من هؤلاء يعرفون بلادنا بسبب استضافتها لثالث أكبر حدث عالمي بعد بطولة كأس العالم والألعاب الأوليمبية.
وعليه، هي نصيحة لمن يحبون البحرين، والمخلصين لها، والمتطلعين لنجاحاتها، دعم مثل هذه الفعاليات الكبيرة والمشاركة فيها أصبح جزءاً من واجبنا تجاه الوطن، والانتقاص منها لا يخدم بل يضر السمعة التي نحاول تحسينها وتقديمها بشكلها الحقيقي بالنسبة للبحرين، خاصة في ظل وجود فئات واضح تماماً بأنهم «مقهوررررررين» من استمرارية سباق جائزة البحرين الكبرى لطيران الخليج للفورمولا واحد، وتجديد عقد الاستضافة لمدة تزيد عن عقد من الزمان.
هناك من يحاول الانتقاص من البحرين ويشوه صورتها، حاولوا في السابق استغلال «الفورمولا واحد» في ذلك، حاولوا تضليل الدول المشاركة والسائقين وحتى إدارة تنظيم السباق والاتحاد الدولي، لكن كل محاولاتهم باءت بالفشل، بل على العكس استضافة «الفورمولا واحد» عرفت آلافاً من الزائرين بحقيقة الأمور في البحرين، وكيف أن بلادنا مكان يرتاح فيه السائح، ويعامل فيه الزائر أفضل معاملة، وأنها بيئة خصبة للاستثمار.
عوائد «الفومولا واحد» كثيرة، هي أكبر من أرقام واستثمار إن رأيناها بمنظور أشمل وما تقدمه من خدمة جليلة لسمعة البلد، لكن مع ذلك هناك مكاسب ومداخيل تعم بفائدتها الدولة وحتى أصحاب الأعمال والتجار بمختلف مستوياتهم.
اليوم الأحد هو يوم السباق وتتويج بطل جديد من على منصة حلبة البحرين الدولية، اذهبوا للؤلؤة الصحراء وانعموا بالأجواء الممتعة والمرح وحماس السباقات، وتذكروا وأنتم ترسمون البسمة على شفاهكم بأنها بسمة صنعتها البحرين بأجوائها الجميلة وبكوادرها المميزة. ربنا احفظ البحرين واكتب لها النجاح في كل خطوة ومسعى.