قول وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة في المقابلة التي بثتها قناة «العربية» الجمعة الماضي «أننا نريد أن نرسل رسالة لإيران وأتباعها أننا جادون في مواجهتهم ولا نتردد في الدفاع عن دولنا وشعوبنا ومصالحنا وإخواننا في المنطقة» ألحقه ببيان السبل التي على إيران أن تتبعها لو أرادت أن تحل مشكلتها مع دول مجلس التعاون وتعيش كما يفترض أن تعيش، أولها تغيير سياستها مع العالم العربي، وعاشرها وقف تهريب الأسلحة وتدريب أتباعها، وبين أولها وعاشرها مجموعة من الأمور عليها أن تتبعها كوقف دعمها للمنظمات التي تتبعها مثل «حزب الله» وإعادة الجزر الإماراتية الثلاث المنهوبة إلى أصحابها والعمل على عدم المساس بسيادة دول الخليج العربية.
لبيان الصورة كاملة ينبغي التذكير بأمرين مهمين حصلا أخيراً، أولهما مناورات «رعد الشمال» التي من الواضح أنها جعلت إيران تتوقف للحظة وتتبين أنها تسير في الاتجاه الخاطئ، وتعرف أنه صار عليها أن تفكر في تغيير سياستها لو أرادت أن تشعر بالاستقرار وتتحسن علاقتها بجيرانها المسالمين، وثانيهما المبادرة الإيرانية بإرسال رسالة إلى القادة الخليجيين من خلال صاحب السمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح والتي أعربت فيها عن رغبتها في فتح حوار مع دول الخليج العربية حيث زار الكويت أخيراً مسؤول إيراني رفيع وطلب فتح صفحة جديدة.
في المقابلة أكد وزير الخارجية أن دول التعاون لا تغلق الباب وأنها لا ترفض الحوار مع إيران وأن اللقاءات مع المسؤولين فيها مستمرة وأن أموراً إيجابية كثيرة يمكن أن تحدث لو أن إيران كانت جادة بالفعل في فتح صفحة جديدة والتي من متطلباتها تغيير سياستها مع دول التعاون والعالم العربي ووقف دعمها للمنظمات التابعة لها والتي منها «حزب الله» ووقف تهريب الأسلحة وتدريب عناصرها والتوقف عن كل ممارسة نتاجها زعزعة الاستقرار والأمن في دول التعاون.
إن أي عاقل لا بد أن يتساءل عن الهدف والجدوى من التعبير عن الرغبة في فتح صفحة جديدة في وقت لا تتوقف فيه الاستفزازات الإيرانية ومحاولات التدخل في شؤون جيرانها والتي منها على سبيل المثال لا الحصر التصريحات الأخيرة لعلي خامنئي ضد البحرين ومطالبة أحد قادة المنظمات الإيرانية بعودة البحرين إلى إيران مؤكداً بذلك أنها لا تزال مصرة على أن «البحرين مال مو».
في المقابلة مع قناة «العربية» لفت وزير الخارجية إلى المعادلة التي يجب أن تتحقق وملخصها أن «إيران جارتنا، ونحن متعايشون معها منذ عصور مهما حصلت من تحولات فيها، لكن هناك مشكلات سببها السياسة الخارجية الإيرانية التي تمس بسيادة دول الخليج العربي، وأبرزها احتلال الجزر الإماراتية»، واختصر معاليه الأمر في القول إن على إيران إن أرادت أن تتحقق أمنيتها وتفتح الصفحة الجديدة التي تأملها أن تقوم بـ «إبلاغنا بالخطوات التي تقوم بها»، فيما يخص مراجعة سياستها وتوقفها عن دعم تلك المنظمات ووقف تهريب الأسلحة وتدريب أتباعها وتغيير نظرتها إلى الدول العربية وإلى دول مجلس التعاون بصفة خاصة، أي أن «قطع العلاقات مع إيران يمكن أن يتغير إذا تحسنت الأحوال وتغيرت الظروف»، أي أن التغيير هنا بيد إيران.
الجميل في أمر المبادرة الإيرانية هو أنها تؤكد أن إيران بدأت تنتبه إلى أن سياستها التي سارت عليها طوال الفترة السابقة كانت خاطئة، وأنه لا يمكن لدول التعاون أن تقبل بتجاوزاتها وتسكت خصوصاً بعد «عواصف الحزم»، و»رعود الشمال»، أما الجميل في رد دول المجلس على طلب إيران فتح صفحة جديدة فهو أنه أوضح لإيران سبل الخروج من المأزق الذي أوقعت نفسها فيه وملخصها تغيير سياستها والتوقف عن دعم كل من يريد السوء لجيرانها.