«احذروا أيها الشباب من الحسابات التي تشعل الفتن وتطرح الآراء المتطرفة والمحرضة على مواقع التواصل الاجتماعي وتجنبوا إعادة نشرها والتفاعل معها». هذه العبارة تم نشرها على شكل تغريدة في بعض الحسابات على «تويتر»، في ظاهرها تبدو عادية لكنها مهمة وينبغي المساعدة على نشرها وإيجاد كل السبل كي تجد حيزاً في تفكير الشباب على وجه الخصوص كونهم الغاية التي يأمل ناشرو الفتن الوصول إليها.
من يتابع مواقع التواصل الاجتماعي يلاحظ كيف أنها تمتلئ بالحسابات التي تسعى إلى نشر الفتن عبر طرح موضوعات لا ينتج عنها إلا تخريب العلاقة بين أفراد المجتمع حيث الآراء التي يتم طرحها متطرفة وترمي إلى الفتنة. وإذا كان أصحاب تلك الحسابات يخططون للفتنة ويبذلون جهداً معيناً في نشر الآراء المتطرفة والمعينة على خلقها فإن الآخرين ممن هم بعيدون عن هذا التوجه يساعدونهم على تحقيق أهدافهم عبر إعادة نشر تلك التغريدات والتفاعل معها.
الفتنة تنتشر بسهولة في البيئات التي تتوفر فيها نسبة كبيرة من الجهل أو يتوفر فيها من لا يدرك أهداف أصحاب الفتنة فيعينهم على تحقيق أهدافهم من دون أن يدري. اليوم يتوفر في بيئاتنا العربية نسبة كبيرة من المتعلمين والمثقفين ومع هذا فإن ناشري الفتنة لا يجدون صعوبة في ذلك، السبب هو أن نسبة غير قليلة من هؤلاء يعينونهم على نشر الفتنة من دون أن ينتبهوا وذلك عبر إعادة نشر أفكارهم وتغريداتهم وآرائهم والتفاعل معها بحجة الرد عليهم أو تنبيه الآخرين منها بإطلاعهم عليها.
الكثيرون ساعدوا التنظيمات المتطرفة من دون أن يقصدوا، كان تنظيم الدولة «داعش» مثلاً ينشر فيديوهات لإعدام أو قطع يد أو جلد أو سحل أو حرق شخص أو مجموعة أشخاص فيسارع الكثيرون إلى نشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي من دون أن ينتبهوا إلى الغاية من تسريبها فيعينون التنظيم المتطرف على إشاعة الخوف بين الناس ما يجعل ذلك التنظيم المتطرف يتقدم ويحقق جانباً من مآربه. وكذا بالنسبة للتنظيمات المتطرفة الأخرى والتي تجيد توظيف هذه «اللعبة» وتعرف كيف تكسب منها.
الشائعة تنتشر بسرعة وتبدو لبعض الوقت حقيقة ويصدقها الناس من دون أن ينتبهوا إلى أنهم ساهموا في نشرها وفي تصديق الآخرين لها عبر الحديث عنها وتناقلها فيما بينهم. ولأن في هذا الزمن -أو على الأقل في هذه المرحلة- تكثر أسباب الخلافات بين الناس في البلد الواحد والمنتمين إلى دين واحد وتكثر وسائل نقل المعلومة بسهولة، لذا فإن الساعين إلى نشر الفتنة لا يجدون صعوبة في تحقيق غاياتهم. يكفي أن تنبش موضوعاً خلافياً يعود تاريخه إلى أكثر من ألف عام ليدخل نفر من الشيعة ونفر من السنة في نقاش لا جدوى منه، ولا يوصل إلا إلى التقاتل فيما بين أبناء الوطن الواحد. والأمثلة في هذا الصدد كثيرة. وبالتأكيد فإن موضوعات الفتنة ليست دينية دائماً أو مذهبية فهناك الكثير من الموضوعات الوطنية والسياسية التي يمكن أن تكون مادة جيدة للفتنة.
ولأن المتكسبين من الفتنة لن يتوقفوا عن هذا السلوك المشين حيث المهم عندهم هو تحقيق ما يرمون إليه لذا فإن على الآخرين أن ينتبهوا إلى هذا الأمر فلا يرددوا ما يقومون بنشره ويعينوهم من دون أن ينتبهوا إلى أنهم يفعلون ذلك وأنهم تحولوا إلى أدوات يستفيد منها أولئك المخربون.
التغريدات التي ينبغي العمل على نشرها هي مثل هذه التغريدة التي تصدرت المقال والتي تنبه وتحذر من الوقوع في براثن أصحاب الفتنة ومريدي السوء، وتكشف ألاعيبهم وحيلهم، والسلوك الذي ينبغي حث الناس على الالتزام به هو التمحيص فيما ينشر وعدم إعادة نشره إلا بعد التأكد من محتواه، وأنه يعود بالنفع على الناس والوطن والدين.