لو طلبت من أي إنسان في أي بقعة من العالم، عاش في البحرين أو زارها ولو لمرة واحدة أو كان من متابعي أخبارها، إبراز ما يميزها لقال ببساطة ومن دون تردد إنها «مجتمع تعددي، يتسم بدرجة عالية من التعايش السلمي، تتمتع مكوناته بالتسامح، والحريات الدينية فيه مكفولة».
الوقائع التاريخية -حسب الكتب التي تتناول هذا الموضوع- تشير أيضاً إلى هذا الأمر وتزيد أن هذه التعددية وهذا التعايش السلمي ليس جديداً ولكنه ممتد في الزمن ويعود إلى عدة قرون، وأنه لهذا توجد في هذه البلاد «مجموعة كبيرة من الطوائف الرئيسة والأديان المختلفة والمذاهب والأقليات الصغيرة»، وأن لكل منها «حرية المعتقد والدين والمذهب». يؤكد هذا ما يراه الجميع بأعينهم في العاصمة المنامة حيث تتوفر المساجد الخاصة بالمنتمين للمذهبين الكريمين، والمآتم والكنائس والمعابد، ويتواجد الناس من مختلف الأصول والأعراق ومن كل الجنسيات يعملون معاً، ويحترمون بعضهم بعضاً.
هذا المشهد الحضاري يلفت كل من يزور البحرين في هذا العهد على وجه الخصوص، والأكيد أنه لفت كل من زارها في العهود السابقة. مشهد يثير دهشة العالم الذي من الطبيعي أن يتساءل عن كيفية حدوث هذا ليأتيه الجواب الذي ملخصه أن دستور مملكة البحرين كفل الحرية الدينية وأن القوانين الوطنية نظمت حياة الناس، فصار كل فرد وكل جماعة يعرفون حدودهم وحقوقهم، ويعرفون واجباتهم والتزاماتهم.
في مطبوعاته المتميزة يشرح معهد البحرين للتنمية السياسية مفهوم التسامح وحرية الأديان، ويؤكد على أن التسامح يرتبط دائماً بحرية الأديان والعقائد والمذاهب وأن هذا يعني «القبول الطوعي والقناعة الطوعية للآخر، سواء كانت هناك اختلافات طائفية أو شكلية أو دينية أو حتى مذهبية، وبالتالي هناك موافقة ضمنية على التعامل مع مختلف الثقافات والجنسيات وحتى أصحاب الآراء المتعددة». كما ينبه إلى أن التسامح «لا يعني ضرورة انصهار المكونات المختلفة في المجتمع ضمن مكون واحد»، وإنما «احترام خصوصية كل هوية فرعية في إطار من الهوية العامة الجامعة بقواسم مشتركة بين هذه المكونات المتعددة، واستمرار التواصل والتفاعل المتبادل فيما بينها»، وأن هذا نتيجته «التعايش السلمي داخل المجتمع الواحد».
في إطار التعريف نفسه للتعايش السلمي تشير تلك الأدبيات إلى أن «التعايش السلمي ضرورة من ضرورات استقرار الأمن في أي مجتمع»، أي أنه «متى ما غاب التعايش سادت الفوضى وغاب الاستقرار، وانعدم الأمن».
من المهم هنا الإشارة إلى أمور ثلاثة، أولها أن مملكة البحرين تحرص على احترام الحقوق والحريات الدينية، «قبل أن تكون ضمن مواثيق واتفاقات حقوق الإنسان الدولية»، كونها «عنصراً أساسياً من عناصر الدين الإسلامي الحنيف وهو ما ينبغي الحفاظ عليه»، وثانيها أن هذا ليس كلاماً نظرياً، ولكنه واقع يقر به كل من يعيش في هذه الأرض الطيبة، ورآه ويلمسه كل من زار ويزور البحرين «وقد كان بالتأكيد مثار دهشة كل من حضر للاستمتاع بسباق الفورمولا1»، وثالثها أن كل كلام مناقض لهذا يردده البعض الذي يتخذ من البحرين موقفاً سالباً إنما يريد به الإساءة إلى هذا الوطن، وينقضه الواقع، فالحريات الدينية في هذه البلاد والتسامح الديني ليس لزوم الدعاية ولكنها دعامة من دعامات البحرين.
في هذا الخصوص يرى ويلمس العالم، كل العالم، كيف أن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، يحرص دائماً «على تجسيد روح التسامح وحرية الأديان السائدة في البلاد، من خلال لقاءات دورية، تؤكد قناعة وإيمان العاهل بضرورة الحفاظ على هذا التسامح، باعتباره عنصر قوة داخل المجتمع، وليس عنصر ضعف، مادام هناك تواصل وتعايش بين الجميع باستمرار».