بعد أن صار اللعب على المكشوف لم يعد لدى إيران أي مبرر لنفي تواجد قواتها في سوريا، لذا صار المسؤولون الإيرانيون على اختلاف رتبهم يصرحون من دون استحياء عن بعض الأمور التي تقوم بها قواتهم المسلحة هناك، فبعد الاعترافات بوجود أعداد قليلة منهم بصفة «مستشارين» اضطروا للاعتراف بأن «قوات محدودة» شاركت وتشارك في الحرب الدائرة منذ خمس سنوات دعماً لنظام الأسد، ولأن الأمر افتضح تماماً ولم يعد هناك مجال للإنكار أو حتى للف والدوران «أكد المنسق بين وحدات سلاح البر في الجيش الإيراني العميد علي آراستة إرسال قوات مشاة إيرانية إلى سوريا»، حيث أشار في حديث خاص لوكالة أنباء «تسنيم» الإيرانية إلى مرابطة وحدات من القوات الخاصة في سلاح البر الإيراني هناك»، وشدد على أنه «تم تزويد كل الوحدات القتالية التابعة لسلاح البر في الجيش الإيراني بطائرات صغيرة من دون طيار»، وأكد «استخدام هذا النوع من الطائرات في الألوية القتالية والوحدات الاستكشافية».
هذا في سوريا، أما في اليمن، الذي لاتزال تنكر مشاركتها في الحرب الدائرة فيه هناك بدعمها للحوثيين فأفادت قناة «ايه بي سي ABC» التلفزيونية بأن «البحرية الأمريكية اعترضت يوم 28 مارس الماضي سفينة إيرانية في بحر العرب كانت محملة بالأسلحة، وتمكنت من السيطرة عليها»، وأن السفينة التي تم اعتراضها بسبب الاشتباه فيها «كانت محملة بـ1500 بندقية آلية رشاشة و200 قاذفة قنابل ورشاش»، وأن الجانب الأمريكي اكتفى بمصادرة الحمولة دون أن يوقف طاقم السفينة «الولايات المتحدة تؤكد أن إيران تقوم بشكل دوري بتزويد الحوثيين بالسلاح رغم قرار مجلس الأمن الدولي فرض عقوبات ضدهم ومنع توريد السلاح والمعدات الحربية لهم».
مقابل هذا وذاك ينسب للمرشد الإيراني علي خامنئي أنه قال «إن من يقول إن مستقبل إيران في الحوار والمفاوضات وليس في تطوير قدراتنا الصاروخية والعسكرية إما أنه جاهل أو خائن».
الزبدة أن إيران مهتمة جداً بتطوير قدراتها العسكرية وأن أمرها في سوريا افتضح وأنها لا تكتفي بتوفير الأسلحة والمشورة للنظام السوري و«حزب الله» فقط، ولكنها تشارك بقوات برية قتل منهم حتى الآن نحو 220 عسكرياً بينهم ضباط كبار، وأن أمرها في اليمن يزداد افتضاحاً يوماً بعد يوم، حيث يتم باستمرار مصادرة أسلحة تحاول إرسالها إلى الحوثيين الذين صارت يوماً بعد يوم أيضاً تدعمهم على المكشوف. والزبدة أيضاً أن إيران ستضطر بعد قليل إلى الاعتراف بدعمها بالسلاح وبالمال لكل فئة أو مجموعة تصنفها في «خانة المظلومين». بناء على كل هذه المعطيات والوقائع صار من حقنا في البحرين أن نتساءل عن حجم ونوع الدعم الإيراني -غير الإعلامي- لذلك البعض الذي قامت بتصنيفه في باب المظلومين، وعن الوقت المتوقع أن تعترف فيه بذلك وتلعب فيه على المكشوف كما تلعب في سوريا ولبنان والعراق واليمن.
لا نريد أن نفاجئ بأن لإيران «مستشارين» عسكريين هنا وقوات برية وألوية وطائرات من دون طيار، ولا نريد أن نفاجئ بأخبار من نوع مصادرة أسلحة من سفينة كانت في طريقها إلى البحرين، لا نريد أن نفاجئ بمثل هذه الأخبار وإن كانت متوقعة، فإيران التي لم تتردد عن التدخل في سوريا ولبنان وتكاد أن تصير الحاكم الفعلي فيهما بعدما سيطرت على العراق، وصارت تتحكم فيه، وبعدما قامت بكل ما قامت وتقوم به في اليمن لن تتردد عن القيام بأي فعل يحيي أملها في «إعادة الفرع إلى الأصل»، كما تردد دائماً بلغتها الفارسية.
من يعتقد أن إيران ستتوقف عن محاولاتها دعم كل من تعتبره «مظلوماً» فهو مخطئ، والمتوقع أنها ستزيد من دعمها لهم بعدما توقفت عن لعبتها الغبية.