سأتجاوز الحديث عن السياسة اليوم، وحتى السجال الذي شهده مجلس النواب مؤخراً، فالحديث عن الاقتصاد يمثل اليوم أولوية بالنسبة للوطن، بحيث أن علينا الحرص بجعل عجلة التنمية والاستثمار تدور بقوة دون توقف.
لذلك سأتوقف عند حديث وزير الصناعة والتجارة البحريني زايد الزياني أمام مجلس النواب والذي تطرق فيه إلى موضوع في غاية الأهمية، يتعلق بـ «صناعة المعارض» في البحرين.
حتى بالنسبة للمراقبين فإن الأرقام التي طرحت وأفصح عنها الوزير قد تمثل معلومة جديدة من المهم التوقف عندها وتحليلها.
فبحسب الزياني، استضافت البحرين واحتضنت 75 معرضاً متنوعاً في أهدافه وعناوينه، ما يعني أن البحرين تستضيف معرضاً ونصف في الأسبوع الواحد.
الرقم بالنسبة لي يمثل معلومة جديدة، وهي على الفور تدفعني للتساؤل حول المردود الذي حصدته البحرين من وراء هذه المعارض، وطبعاً هنا أتحدث عن العوائد المالية والمنافع الاقتصادية في جوانب التنمية والاستثمار، وما استفادت به خزينة الدولة وميزانيتها، إضافة إلى توفير وخلق فرص للتوظيف ودعم الكوادر البحرينية.
جهود الاستثمار يصعب على الإنسان البسيط تقديرها والإلمام بها إن كانت خالية من الأرقام، أو إن كانت المعلومة تقدم وفق رقم عام غير مفصل، وعليه أقول إنه من المهم أن نعرف عائد هذه التحركات والنشاطات، وأن يكون لدينا أيضاً أداة لقياس الأثر، وفي جانب الاقتصاد الوطني المبالغ التي دخلت واستفادت منها الدولة هي المعيار.
في ظل وضع مالي صعب يعيشه العالم، ومع ترنح أسعار النفط، التي بدورها أثرت بشكل كبير وواضح في معيشة الشعوب، يصبح النهوض الاقتصادي هو بارقة الأمل في تحسين الأوضاع، ويصبح السعي وراء تعزيز الاستثمار هو التحدي الأبرز.
صناعة المعارض في الدول الشهيرة بها، تعتبر أحد أهم موارد الدخل، ولدينا في الجارة دبي مثال واضح على قصص نجاح لهذه الصناعة بحيث أصبح مردودها على الدخل القومي يبارز مردود الصناعة النفطية بل قد يتفوق عليها.
لذلك فإن اتجاه مملكة البحرين نحو تعزيز صناعة المعارض أمر إيجابي، واجب دعمه وتسهيل كافة الأمور له ليتحقق، وأظن بأن كلام وزير الصناعة أمام مجلس النواب واضح وجلي، وعليه فإن الدعم المأمول من السلطة التشريعية لمثل هذه التوجهات أمر بديهي التحقق، سواء من ناحية الدعم والمباركة أو من خلال إصدار التشريعات الداعمة والمساعدة.
اليوم البحرين بحاجة لتعزيز صورتها كبلد صديقة للاستثمار، كبلد تمثل أحد الخيارات المفضلة لدى أصحاب رؤوس الأموال والمشاريع الضخمة، واستقطاب هذا العدد من المعارض بتنوعها واختلافها، يعتبر أقوى مادة تسويقية يمكن أن تخدم البحرين، يكفي أن نضعها في قالب احترافي أكبر عبر بيان هذه المعارض وأثرها وردود الأفعال بشأنها وطبعاً عوائدها ومكاسبها المتنوعة التي تحققت لمملكة البحرين.
الأمر الإيجابي الآخر الذي ذكره زايد الزياني يتعلق بمشروع «مدينة المعارض» في منطقة الصخير، وأن التصور النهائي لها سينتهي قبل نهاية العام الحالي.
وإن لم تخني الذاكرة فإن هذا المشروع مرتبط بمشروع ضخم في تلك المنطقة أعلن عنه بشكل «قليل الضجة» في عام 2008، بحيث تتحول منطقة الصخير لمنطقة استثمارية تجارية تعج بالمعارض، لكن ما أعقب ذلك من حراك جعلنا ندرك أن بعض المشاريع جمدت أو مازالت بانتظار رصد ميزانيات لها، وللعلم هي تحتاج ميزانيات ضخمة.
لكن من التصريح الأخير يتضح أن هناك عزماً على المضي في مثل هذه المشروعات لما لها من أثر إيجابي على اقتصاد المملكة ودعم الدخل القومي.
اليوم الاقتصاد هو الأساس في المضي قدماً بالحراك الذي تشهده الدولة، تقويته واجب، وتعزيز صورة البحرين كبيئة مستقطبة للاستثمار واهتمام رؤوس الأموال مهمة تشترك فيها جهود عديد من الأطراف، الفرصة جدا مواتية خاصة مع تعزيز الوضع الأمني للبلاد وعودة صورة البحرين الآمنة الجميلة لما كانت عليه سابقاً.