حادث الشاب الذي خسر حياته أخيراً في قرية شهركان اعتبره البعض الذي اختار البقاء في الخارج فرصة لشحن من هم في الداخل وتحريضهم على القيام بعمل ما يشعره بأنه يفعل مفيداً ويحقق نجاحاً، فطالما أنه وعياله في أمان فلا ضير، فليس هو أو أحد من فلذات كبده من سيتعرض للخطر، وإنما من يقوم بشحنهم وتحريضهم ويتأثرون به ويستجيبون لتعليماته. ذلك البعض لم يتوقف عن توجيه الرسائل عبر الفضائيات «السوسة»، وخصوصاً قناة «العالم» الإيرانية، وعلى الهواء مباشرة لمن لا يعرف حجم الأمان والرفاهية اللتين يتمتع بهما هو وعياله، حيث هم في الخارج لـ «ينتفضوا ويخرجوا في مسيرات ومظاهرات ويحتجوا ويختطفوا الشوارع ويتسببوا في إرباك حياة الناس وتعريضهم للخطر». هذا الدور التحريضي الذي لا يكلف ذلك البعض سوى القليل من الوقت والكلام والذي يعتبره نضالاً يأمل أن يجني منه السمعة والمكانة هو ما ينبغي فضحه ووضع حد له، ذلك أن من يريد هذا لا يقوم بذاك.
ليس منا من لا يتألم لفقد شاب في مقتبل العمر لحياته، والمطالبة بالتحقيق في ظروف وفاة أي شخص حق لذوي المتوفى، لكن من غير المقبول ولا المعقول أن يستغل ذلك البعض مثل هذا الحدث للشحن والتحريض وتعريض حياة الأبرياء للخطر، فهذه الممارسة من شأنها أن تحرك العواطف التي ينتج عنها تصرفات غير محمودة العواقب وقد يخسر شباب آخرون حياتهم لهذا السبب.
هذا الأمر ليس بجديد ولم يعد غريباً، فقد تمت ممارسته طوال السنوات الخمس الماضية، وكان ولا يزال أحد أسباب تعقد المشكلة، فلولا الشحن والتحريض الذي يمارسه ذلك البعض لربما انتهت المشكلة منذ زمن، ولولا الدعم الإيراني الفاضح لذلك البعض وتسخيره لأجهزته الإعلامية كافة لخدمة أهدافه لما استمرت المشكلة من دون حل إلى الآن ولما سقط كل هذا العدد من الضحايا.
سد فم ذلك البعض المستهتر وفم الإعلام الإيراني البغيض لإخراسهما هو الخطوة الأولى على طريق حل المشكلة التي طالت بسبب التعنت والمبالغة في المطالبات ورفع السقف من دون دراية بأحوال المنطقة وتطورات الأحداث فيها، وقيام أولياء الأمور بسد آذان أبنائهم بالأصابع أو بالقطن كي لا تصل عبارات الشحن والتحريض إليهم خطوة أخرى مهمة أيضاً لقطع الطريق على ذلك البعض وذلك الإعلام الذي يعرف العاملون فيه جيداً بأنه لا يخدم سوى أجندة من يقف وراءه ويصرف الأموال من أجل تحقيق بنودها. هاتان الخطوتان مهمتان لوقف الضرر الذي صار يعاني منه المواطنون ولمداواة الجراح العميقة التي تسببا فيها، فالتحريض الذي يمارسه ذلك البعض من الخارج والإعلام الإيراني الفالت هو السبب الأكبر وراء معاناة الكثيرين في الداخل. التمكن من المحرضين وشاحني البسطاء غير المدركين لما يدور حولهم وما يجري وغاياته يسد باباً كبيراً يأتي منه الكثير من الريح، ووضع حد للإعلام الإيراني ومنعه من التدخل في شؤون البحرين الداخلية يسد بابا أكبر يأتي منه الكثير من الريح أيضاً. سد هذين البابين نتيجته المنطقية توفر الأجواء والظروف المعينة على حل المشكلة بالطريقة البحرينية التي سبق أن تمكنا بها من حل مشكلات أخرى في أزمان سابقة.
ليست الفضائيات الإيرانية وحدها من تستحق نعتها بـ «السوسة»، فذلك البعض الذي يمارس الشحن والتحريض من الخارج يستحق نعته بها أيضاً لأنه بفعله هذا لا يمكن إلا أن يكون «سوسة». القضاء على السوستين أو على الأقل تعطيل عملهما لبعض الوقت من شأنه أن يسهل أمر الخروج من هذه المشكلة التي كلما استمرت وتعقدت أنتجت ضحايا، فأغلب أو ربما كل الذين خسروا حياتهم أو أودعوا السجون هم ضحايا السوستين، الإيرانية و«البحرينية».