هل ستتوقف حملة «لا للسيداو»؟ أجبته نعم ستتوقف بعد أن تستنفد قوة دفعها الذاتية وذلك لن يطول.
- لماذا لا تتوقف فوراً، لقد كان الشرح واضحاً، وكلام وزير العدل كان مفحماً، وكلام بقية المسؤولين الذين تحدثوا لا يحتمل اللبس.
- هناك من أدرك أن هواجسه لم تكن في محلها أو كانت مبالغاً فيها، واقتنع أن المرسوم واضح في عدم إخلاله بأحكام الشريعة الإسلامية، وتراجع عن موقفه المتشدد رغم أننا لم نسمع اعتذاراً عن سوء الفهم أو اللبس، وهذه حالة غريبة!
وهناك من اقتنع أن المرسوم لن يخل بأحكام الشريعة الإسلامية لكنه يقول لكنني سأظل متوجساً من المستقبل، من شيء ما سيحدث يباغتني، من بنود خفية، من عدم ثقة بكل ما هو دولي.. والسلام! ويعتقد أن الوقوف في خانة «لا» هو الموقف الأسلم، فهناك من يتوجس من أي اتفاقية دولية بشكل مطلق ولا يراهم إلا مدخلاً للشيطان ومدخلاً للاستعمار ومدخلاً لخرق السيادة ومدخلاً للتغريب ومدخلاً لكل ما هو مخيف، وهو بهذا الموقف يتمنى أن نغلق على أنفسنا الباب لأنه يرانا قصراً سفهاء لا نملك التمييز ولا نملك القدرة على حماية هويتنا وثقافتنا، لهذا يأخذ درب السلامة فهو يعرف الآن أن المرسوم لم يخل بالشريعة الإسلامية لكنه يتوجس والسلام! وسيظل يقول لا للسيداو على أمل أن تنسحب البحرين منها يوماً ما وتنسحب من كل اتفاقية دولية ويفضل أن تنعزل البحرين وتنكفئ فلا تنضم لاتفاقات دولية ولا مكافحة الرق ولا مكافحة الاتجار بالبشر ولا رسم الحدود البحرية ولا.. ولا..
هذا موقف مجموعة كبيرة ممن قال «لا للسيداو» هذا إذا أحسنا النية في العديد من الأشخاص الذين اعترضوا وهم كذلك ويشكلون -من وجهة نظري- الأغلبية إن شاء الله، ولكن بالمقابل هناك من سيظل يردد لا للسيداو إلى حين لأنه أحرق مراكبه وهو يعترض ويخشى العودة أو ربما لا يعرف كيفية التراجع، فسيصر على الاستمرار وهناك من يظن أنه ممكن أن يستفيد من الضغط على الحكومة كي يقبل السكوت، وهناك من يصعب عليه الفهم ويستعصي، وهناك من استهوته اللعبة واستعراض العضلات ليعرف حجم تأثيره في الشارع، لتلك الأسباب مجتمعة أعتقد بأن الحملة ستستمر إلى حين، إنما ليس بالزخم الذي كانت عليه قبل التصويت على المرسوم.
فقد أصبح الآن هناك توازن في الطرح وهذا ما كان يجب أن يكون عليه الوضع منذ البداية في كل المواضع الجدلية كي نفهم، كي نستمع لكل الزوايا في الموضوع، كي نتعلم كيف نتجادل ونتحاور ونتناقش، كي نستفيد ونفيد بدلاً من اللجوء لحملة إرهابية تمنع مخالفيَّ في الرأي حتى من التعبير عن وجهة نظرهم، حملة أسكت فيها أي صوت مخالف.
إنما من المؤكد أن أصوات الذين يحملون رأياً آخر رأياً مؤيداً ويقبل بالمرسوم الملكي، بدأت تبرز وتظهر وتأخذ مساحتها في الإعلام بل وحتى في المساجد وفي وسائل التواصل الاجتماعي وفي المجالس، وذلك بعد أن كانت مختفية ومتوارية. إنما بعد أن أوضحت الحكومة موقفها وشرحته وإن جاء توضيحها متأخراً، تشجعت وظهرت لتحقق نوعاً من التوازن في الطرح، وإن حسم الحكومة موقفها بالنسبة لتمسكها بالشريعة الإسلامية مرجعاً، شجع تلك الأصوات على الظهور والتحدث العلني وخرق حاجز الصوت والتصدي لحملة شرسة لم تبق ولم تذر وهي تطعن في كل من أيد المرسوم حتى لم تترك للناس فرصة أن يفاضلوا بين الرأيين بهدوء وبحرية تامة، بل مارست إرهاباً فكرياً قميئاً لا يجب أن يسمح له بالتكرار مرة أخرى، فمن قاد الحملة جعل المؤيد للمرسوم الملكي في خانة معدمي الشرف والعفة، وتلك سقطة شرعية وأخلاقية وسياسية عظيمة ما كان يجب أن تنزلق إليها كتلة سياسية مساندة ومؤيدة للنظام السياسي. لكنها لم تدرك حجم الضرر والشرخ الذي أحدثته بين الناس والنظام.
خلاصة القول، إننا نثني على فزعة الناس الطيبين البسطاء على عرضهم وشرفهم وخوفهم ودفاعهم عن دينهم، إنما ألوم أولاً غلبة ما يسمى بالعقل الجمعي علينا وهي حالة يختار فيها العقل أن يكون على خطأ إنما مع الجماعة على أن يكون على حق ويجد نفسه منفرداً، فإن كنا لا نلوم الناس والجماهير لكننا نلوم كتاباً ومثقفين ومغردين ونواباً بل حتى قضاة فزعوا مع الفزعة بعقل جمعي يفضل أن يكون على خطأ طالما هو محمي بجماعته على أن يكون مع الحق منفرداً.
قادة للرأي لم يختلفوا عن عامة الناس مع الأسف رغم عظم مسؤوليتهم ورغم أنهم يمتلكون ما لا يملكه غيرهم من أدوات للبحث والتقصي والتأني، إلا أنهم جميعهم انساقوا وراء «الفزعة» واعتمدوا «الهاجس» أداة وحيدة لتحديد قرارهم، وذلك تقصير من أي شخص يتولى قيادة الرأي العام.
أما من قاد الحملة بشراسة اللفظ وبلغة الإرهاب والتهديد فانظر كم شخصاً طعنته هذه الحملة في دينه وفي عقيدته؟ وانظر لتبعات ما وصفت به مرسوماً ملكياً، انظر لأخطر ما أحدثته من ضرر لهذا المجتمع، انظر لعدد مرات حسبي الله ونعم الوكيل قيلت في المرسوم ومن أقره ومن صاغه ومن صوت له؟ انظر كيف هزت الثقة بين المجتمع وبالحكم؟
ثم اسأل ومن قبل أن تبدي الرأي اقرأ، ولا تقل ما أنا بقارئ.