الحقيقة التي يجب أن تدركها «المعارضة» بكل تلاوينها هي أن مشكلتنا لن تحلها أمريكا ولا بريطانيا ولا أي دولة أخرى أو المنظمات الحقوقية، مشكلتنا داخلية، يحلها أهل البحرين بعقولهم وبحكمتهم. منطقاً لو كانت أي دولة أخرى أو منظمة يمكنها حل مشكلتنا لحلتها منذ وقت طويل، لذا فإن الاعتقاد بأن هذه الدولة أو تلك يمكنها أن تحلها اعتقاد يؤكد أن أصحابه دون القدرة على قراءة الواقع وقراءة الساحة وتطور الأحداث فيها.
لا كيري ولا بايدن ولا أوباما يمكنهم فرض حل لمشكلتنا، والأكيد أن من سيحلون محل هؤلاء مع انتهاء الانتخابات الأمريكية قبل نهاية العام الحالي لن يتمكنوا من إيجاد الحل لها، فالحل داخلي، والتعويل على هذا أو ذاك من المسؤولين الأمريكيين أو الإنجليز أو غيرهم أو ربط الأمر بالمتغيرات المتوقعة وغير المتوقعة في المنطقة يدخل في باب الشطح بالخيال. كل ما يستطيع الآخرون فعله هو توفير المقترحات والتعبير عن التمني بالتوفيق والقول بإمكانية المساعدة، فالبحرين دولة مستقلة ولا يمكن للقيادة أن تقبل بتدخل الآخرين أو فرض حلول من أي كان. وهكذا فإن من اعتقد أن وزير الخارجية الأمريكي زار البحرين لممارسة الضغط على الحكم بغية إيجاد حل للمشكلة أكد عدم إدراكه وفهمه للعلاقات بين أمريكا والبحرين وعدم قدرته على قراءة الساحة بالشكل الذي ينبغي أن يقرأها، ذلك أنه علاوة على أن كيري جاء ليحضر اجتماعاً رسمياً للتمهيد لاجتماع القمة الخليجية الذي سيحضره الرئيس الأمريكي أوباما في الرياض فإن من غير المعقول أن يدخل هذا الوزير نفسه في قضايا داخلية، بل إنه كان حذراً وحريصاً في المؤتمر الصحافي الذي عقده مع معالي وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وفي كل تصريحاته على أن يبدو متوازناً ومؤكداً أنه لا يمكن أن يتدخل في مشكلة محلية صرفة.
نعم ، وارد أن تستجيب الحكومة لطلب ما من هذه الدولة أو هذه الجهة أو تلك، أو من هذا الشخص أو ذاك، لسبب أو لآخر، لكن ليس وارداً أبداً أن تخضع لحل يفرض عليها من الخارج، وليس وارداً التغاضي عن تدخل هذا الطرف أو ذاك في الشأن المحلي، حيث الشأن المحلي داخلي يخص أهل البحرين دون غيرهم.
زيارة وزير الخارجية الأمريكي للبحرين لم تكن لاقتراح حلول أو فرضها، ولقاؤه لوقت قصير مع هذا الطرف أو ذاك كما تردد لا يعني أنه سيتدخل أو صار مؤهلاً للتدخل في مشكلة محلية، عدا أنه يعلم جيداً أن مملكة البحرين لن تقبل بالتدخل في شؤونها الداخلية ولن تسمح به وأنها لن تنفذ إلا ما هي مقتنعة به، ولو كان غير هذا لما حدث سوء التفاهم بين البلدين في السنوات الأخيرة والذي أشار إليه حضرة صاحب الجلالة بوضوح في كلمته خلال اللقاء مع كيري.
مشكلتنا محلية، وحلها لا يمكن أن يأتي من الخارج ولا يمكن للأجنبي أن يحلها، لذا فإن تعويل «المعارضة» على هذا الطرف أو ذاك يعني أنها دون القدرة على قراءة الساحة وتطورات الأحداث فيها ودون القدرة على استيعاب مسألة أن الأجنبي لا يمكن أن يقدم أي خدمة من دون مقابل، فأمريكا وبريطانيا وفرنسا أو أي دولة أخرى لا يمكن أن تقدم ما يمكنها تقديمه من أجل سواد عيون فلان أو علان، عدا أنها لا يمكن أن تقف ضد الحكومة التي تربطها بها علاقات قديمة ومصالح.
لأن مشكلتنا محلية فالطبيعي هو أن تعمل كل الأطراف ذات العلاقة على توفير الظروف التي تعين على استيعاب بعضنا بعضاً وتدارس سبل الحل.