من مظاهر الحراك المجتمعي الصحي حراكه تجاه قضاياه التي تمسه بشكل مباشر أو غير مباشر، ويعد نتيجة طبيعية للحراك الديمقراطي، شريطة أن يكون بعيداً عن التخندق خلف مصالح حزبية أو أنه مفتعل أو مجير عبر محركات تسهم في تشطير المجتمع أو مبعثه روح التصادم والمناكفة لأسباب أيديولوجية. لقد مر المرسوم بقانون رقم «70» لسنة 2014 المعني بتعديل المرسوم السابق ليحقق قدراً كبيراً من حماية الشريعة الإسلامية، الذي أكد على التحفظات على كل ما يخالفها الواردة في اتفاقية «السيداو». وهذا ما أشرت إليه في مقالي السابق بأن على الدولة الحفاظ على تحفظاتها وحماية الهوية الوطنية وصولاً للحفاظ على القوانين الوطنية. كما جاءت إجابات معالي وزير العدل واضحة المعالم، ولا أعتقد أن هناك فصيحاً سمعها أو قرأها إلا وجاوب على تساؤلاته ورد على مخاوفه.
الحراك المجتمعي في سطور
لقد تناول المجتمع جلسة النواب المعنية بالمناقشة والتصويت على المرسوم بقانون المتعلق باتفاقية «السيداو» بمجمل من الآراء والتحفظات والمخاوف، ويعد ذلك أمراً طبيعياً، ولكن سبق ذلك تجييش ممنهج ومتناغم، طالت حدته توصيف المرسوم بالخروج عن الملة والعياذ بالله، والتراشق بالكلمات والتوصيفات الحاطة للكرامة الإنسانية، وللأسف عزز ذلك تغريدات بعض السادة النواب التي لم تأت على التحفظات نهائياً علماً بأنهم مشرعون!
الشبكة الإلكترونية في سطور
تعد مواقع التواصل الاجتماعي صفحات إعلامية واسعة الانتشار، تؤثر سلباً أو إيجاباً على المتلقي، كما أن العمل الإلكتروني الممنهج لم يأت صدفة بل هو نتيجة تنسيق وإعداد مبعثه أيديولوجية خاصة. القسوة تصدرت هذا الحراك، حيث تم تصنيف من سيوافق على المرسوم بأنه خارج الملة والعياذ بالله، والرافض هو حام للإسلام والمجتمع. حسابات في «تويتر» تغرد وتعيد التغريدات إلكترونياً تحت وسم «لا للسيداو»، ومجموعات على «الواتساب» أساءت للسلطة التشريعية والتنفيذية، من حيث تعلم أو لا تعلم. حسابات متطرفة شاركت بوسم «لا للسيداو»، هددت بالقتل، حيث غرد أحد الحسابات «انتصرت البحرين للإسلام و»السيداو»»، ليأتيه الرد الصاعق من حساب آخر «إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا».. إلى آخر الآية، نعم هذا ما وصلت إليه النقاشات في فترة مناقشة المرسوم بقانون لدى السلطة التشريعية. السؤال، من وراء كل ذلك، ولمصلحة من يعمل، ومن المستفيد من تشطير المجتمع؟
إلى من يهمه الأمر
يعد الحراك المجتمعي تجاه قضاياه ظاهرة صحية، ومطلباً أساساً لتعزيز الديمقراطية، كما أن حرية الرأي مكفولة، ولكن كل ذلك وفق ضوابط ذاتية في المقام الأول ثم قانونية.
* السادة السلطة التنفيذية: كان من المأمول أن تكون الأسبقية لديكم لعرض المرسوم للمتلقي وبيان أنه يؤكد على التحفظات التي تخالف الشريعة.
* السادة الموظفون العموميون المسؤولون: التصريحات الحزبية وأنتم على رأس عملكم بالسلطة التنفيذية تؤسس للالتباس، إن كنتم ضمن منظومة السلطة التنفيذية أو الحزبية.
* السادة الحراك المجتمعي الرافض للقانون: لقد تم وصف المرسوم «بالخروج عن الملة»، وكانت هناك حسابات متطرفة، وإنني على يقين أنها لا تمثلكم ولكنها أذكت القتل بنفس الوسم الذي وضعتموه. كانت هناك تغريدات ممنهجة إلكترونياً من بينكم تحمل أيديولوجية خاصة مجهولة الدعم والمصلحة والمستفيد، أذكت لهجة الحدة.
* السادة النواب: التباين في وجهات النظر هو ظاهرة صحية نتفهمها، ولكن غلوكم في التوصيفات الحاطة للكرامة أمر مرفوض، ولا يمت لبيئتنا بصلة تماماً، كما نرفض توصيف المرسوم بالخروج عن الملة والعياذ بالله.
* السادة لجنة المرأة النيابية: متى سيرى قانون الأحوال الشخصية-الشق الجعفري النور؟