من الأخبار التي ينبغي أن يقرأها جميع أهل البحرين والأنشطة التي يجب أن تحصل على دعم وتشجيع كبيرين منهم ومن الحكومة والقطاعين الأهلي والخاص خبر قيام مجموعة من أهالي قرية بني جمرة بإعادة صباغة السور الخارجي لمدرسة البديع الابتدائية للبنين بالقرية، وقيامهم مع آخرين في قرية المالكية بتدشين فعاليات حملة «القرية الجميلة»، التي أطلقتها بلدية المنطقة الشمالية. ما قامت به المجموعتان في القريتين موقف عملي ضد السلوك الذي اختاره البعض للتعبير عن ضعفه وقلة حيلته، وهو رسالة إلى كل عاقل ملخصها أن هذه قريتنا، وأن علينا أن نهتم ونرتقي بها ونحافظ على نظافتها وجمالها بدل أن نشوهها.
تقدير وزارة التربية والتعليم للأهالي في بني جمرة على بادرتهم ووصفها بالطيبة واعتبارها تجسيداً مثالياً للشراكة المجتمعية بين الأهالي والمدرسة خطوة طيبة أيضاً من شأنها أن تشجع أهالي القرى الأخرى على القيام بمبادرات مماثلة، كذلك إشادة مدير بلدية الشمالية يوسف الغتم بالحضور المتميز والكثيف لأبناء القريتين وبالتفاعل الكبير الذي انطلقت من خلاله الحملة. ما قام به المواطنون من أهالي هاتين القريتين يؤكد ما قاله الغتم بأن «قرى الشمالية مليئة بالطاقات الشابة والمبدعة والتي تتفاعل بصورة كبيرة مع المبادرات الخيرة»، وأن ما قام به الأهالي هناك يدفع إلى الدعوة إلى «التنسيق بين قرى الشمالية لتبادل الخبرات والأفكار والتعاون فيما بينها لصنع نموذج متقدم في العمل الاجتماعي ومفهوم الشراكة المجتمعية». نظافة القرية وتشجيرها وتجميلها مسؤولية أهلها قبل أن تكون مسؤولية الحكومة، والتأخر في توفير الخدمات لسبب أو لآخر ينبغي أن يكون دافعاً للأهالي كي يبادروا ويعملوا ويوفروا المثال والنموذج. مثل هذا العمل -كما قال بعض المشاركين فيه- انطلق وينبغي ألا يتوقف عند حد معين، وأن يشمل كل القرى من دون استثناء، كما ينبغي أن تتضاعف أعداد المتطوعين في كل قرية «لضمان استمرار عملية التطوير وتحقيق الشعار المنشود» كما قال رئيس مجلس إدارة جوالة نادي المالكية جاسم عبدالعال.
البدء بإزالة العبارات الخارجة عن أخلاق مجتمع البحرين والمشوهة لأسوار المدارس وجدران البيوت خطوة أساسية مهمة تحقق غرضين في آن واحد، التأسيس للنظافة والتجميل، والتعبير عن موقف رافض لخلط الأمور والاعتداء على الأملاك العامة والخاصة، خصوصاً وأن هذه السلوكيات الخاطئة مخالفة للشرع والقانون والأخلاق.
الدخول في مثل هذا المشروع والتوسع فيه لا علاقة له بالمطالب ولن يؤثر عليها، بل على العكس يوفر الأسباب التي يمكن أن تشجع الدولة على تحسين الخدمات في مختلف القرى، ويوفر مثالاً يؤكد عدم خلط الأهالي بين هذا وذاك، فما قام به أهالي بني جمرة والمالكية يستحق الشكر والتقدير من الجميع، وهو رسالة واضحة لكل من تسول له نفسه الإساءة إلى القرية وأهلها أياً كانت الأسباب والدوافع.
مشروع «القرية الجميلة» والشراكة المجتمعية وإعادة صباغة الأسوار الخارجية لكل مدرسة ولكل جدار بيت أو مؤسسة تم الاعتداء عليها يحتاج إلى دعم وتشجيع الجميع، الحكومة والمؤسسات والأفراد، فهو بالإضافة إلى مردوده الجمالي والسلوكي فإنه يمكن أن يستغل ليكون رأس الخيط الذي يمكن أن يوصل إلى نهاية المشكلة التي أرقت الجميع. أفكار أخرى كثيرة يمكن طرحها لتأكيد هذه التوجهات الخيرة وتنويعها يمكن أن تأتي تباعاً، غير أن الأفضل الآن هو الدفع لإنجاح هذا المشروع الذي بدأه الخيرون في قريتي بني جمرة والمالكية وليكون المثال العملي على قدرة الإنسان البحريني على الانتقال إلى مرحلة جديدة ينسى فيها الجميع كل ما حدث في السنوات الخمس القاسيات التي مرت على البحرين وأهلها.
أنشطة أخرى تقوم بها المحافظة الشمالية تصب في الاتجاه نفسه تستحق الشكر والتقدير أيضاً.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}