للوهلة الأولى وأنت تتنقل بين أسماء التنظيمات والجماعات الإرهابية التي اعتمد قائمتها مجلس الوزراء البحريني، قد تندهش من حجم التوغل الإرهابي في المجتمعات الدولية.
أسماء لا حصر لها، ومسميات غريبة، أغلبها يقرن نفسه بالإسلام، وهو بحد ذاته ما يعطي الغرب ألف حجة وحجة ليبرر استهداف وسائل إعلامه لديننا الحنيف، ومحاولة تصويره على أنه دين يدعو للإرهاب.
لكن ما يهمنا في القائمة الطويلة هي تلك التنظيمات التي تقرن حراكها الإرهابي بالبحرين، والتي تزايد عددها بالتزامن مع محاولة الانقلاب الفاشلة في 2011.
أي حراك مجتمعي سياسي سليم لا يلجأ أبداً لأساليب التحريض والدعوة للعنف والتبرير له، أو ينتهج خطاب التخوين ومناهضة القانون، وفي كل ما أوردناه هنا، سقطت «الوفاق» ومن معها سقطات عنيفة، وأخلوا بكل ما يمت للسلمية بصلة، حتى صار «الواعي» و»المدرك» يضحك ساخراً كلما وردت كلمة «السلمية» على لسانهم.
الحرب على الإرهاب ليست صناعة أمريكية مثلما ادعى جورج بوش الابن من مكتبه في البيت الأبيض ليبرر استهداف العراق وأفغانستان بحجة القضاء على «طالبان» و»القاعدة» وأسامة بن لادن، بل الحرب على الإرهاب كان من المفترض أن تبدأ منذ منتصف القرن الماضي حينما قتلت الولايات المتحدة بقنابلها الذرية قرابة 200 ألف ياباني في هيروشيما وناجازاكي، ذلك كان إرهاباً دولياً ترعاه دولة.
لكن للأسف، مع وضعية الدول العربية والإسلامية وحركات التحرر في السبعينات وما تبعها من تداعيات في العقد الذي تلاه، كانت الولايات المتحدة تنشط في دعم كيانات ومجموعات فقط لأن دعمها يخدم الأجندة الأمريكية، مثلما فعلت مع أسامة بن لادن في حرب أفغانستان والسوفييت، والتي يومها لم تعلق أمريكا إطلاقاً على مصطلح «الجهاد» الذي تمثل بدعوة انخرط فيها عشرات من الشباب العربي وحتى الخليجي، يومها كان «الجهاد» مدعوماً من الولايات المتحدة ومباركاً، واليوم هو مرادف للإرهاب كما يصورونه في أفلامهم وبرامجهم.
دولنا الخليجية والعربية والإسلامية لابد أن تعي ما يحصل حولها اليوم، والحمد لله الصحوة واضحة وملموسة آثارها، والتقدير هنا للشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية التي وحدت جهود غالبية العرب والمسملين، ووضعت تعريفاً صريحاً للإرهاب، فما يجب أن يسري علينا اليوم ونتمثل به هو تعريفنا نحن للإرهاب، لا التعريف الأمريكي الذي يضع كل من تتضاد مصلحته معه في قائمة الإرهاب.
نعم، نحن مع الحرب ضد «داعش» و»القاعدة»، وطبعاً «حزب الله» اللبناني، وضد كل ميليشيا إيرانية إرهابية تناصب البحرين العداء منذ عقود، وهي تمتلك اليوم تفريعات في الداخل لم تغفلها القائمة التي أصدرها مجلس الوزراء، مثل «ائتلاف 14 فبراير» و»خلايا الأشتر» وغيرها.
لكن علينا قبل أي شيء أن نقوي قاعدتنا الداخلية في حربنا ضد الإرهاب، بمعنى أن تقضي البحرين تماماً على كل مصادر «تفريخ» الإرهاب، من منابر تحريض، وجمعيات تبرر وتوفر غطاءات للمخربين، وعبر تطبيق صارم للقانون على كل من ينخرط في مثل هذه الأفعال.
الإرهابي لا يستحق أن تتعامل معه بمعايير حقوق الإنسان، ولا بسعة صدر وحلم، لأنه وبكل بساطة لو تأتت له الفرصة وتهيأت له الظروف لقام بتنفيذ مخططه الإرهابي ولأزهق الأرواح ولروع المجتمعات، ولا يعني أن نجاح قوات الأمن في القبض عليه أو ردعه أو إفشال مخططه بأنه يستحق تخفيف العقوبة أو التغاضي عنها أو حتى مسامحته على ما فعل، إذ مثلما قلت، لو كانت الظروف مهيأة له، لمضى فيما يفعله دون تردد.
كل دولة تريد المشاركة في ردع الإرهاب العالمي عليها أولاً أن تخمد أنفاس الإرهابي الداخلي، وفي هذا الجانب لا تهاون مقبولاً مع مروجي الإرهاب وداعميه ومحرضي الشباب للقيام به.
الإرهاب كافر لا دين له، هذه رسالة لا بد أن يوصلها العالم العربي والإسلامي ليتوقف الغرب الماكر عن إلصاق التهمة بنا، رغم أن الغرب هو صانع أغلب الخلايا الإرهابية. والقضاء على الإرهاب الداخلي هو أساس كل ذلك، إذ لا دولة تنهض أو تقوم أو يعيش أهلها بسلام طالما كان الإرهاب هو جارهم الأول.