لن يكترث الرجل كثيراً إن لم يتم التوقيع على اتفاقية «سيداو» أو تمرير قانون الأحوال الشخصية في البحرين، فالرجل أقل المتضررين من عدم انضمام الدولة لركب الموقعين على الاتفاقات الدولية الخاصة بحماية المرأة، ولهذا فإنه إذا لم يعارض كل الضمانات التي تحمي حقوق المرأة بطريقة مضحكة، فإنه لن ينافح عن مكانة الدولة ولا المرأة في أن يكون نصير كل منهما في موقف إنساني ووطني.حشدوا كل طاقاتهم في سبيل عدم تمرير اتفاقية «السيداو» ووصفوها للناس بأنها من «الكفريات»، كما حشدوا كل إمكانياتهم من قبل ضد قانون الأحوال الشخصية، وحين تعطل القانون بشقه الجعفري، لم تجنِ المرأة سوى المزيد من خيبات الأمل والقمع والإذلال داخل محيط الأسرة، ولم تكن المحاكم أكثر هدوءاً واستقراراً حين تعطلت آلاف القضايا العالقة في أروقتها بحثاً عن استرداد حق هنا وضمانات هناك، حتى أصبحت المحاكم مسرحاً للآلام والقصص المخيفة التي تصلح لأن تكون سيناريوهات لمجموعة من أفلام الدراما الخالدة.الجمعيات الإسلامية ومعها الكثير من رجال الدين والكثير من الرجال عموماً وكذلك بعض النساء ممن يتبعن أزواجهن بطريقة ساذجة، حشدوا كل طاقاتهم الإعلامية من أجل تشويه كل قانون يمكن أن يكون جداراً صلباً قد تستند عليه المرأة في مسيرتها، للأخذ بحقها من فم الرجل المخالف للقيم الشرعية والإنسانية، خصوصاً من طرف بعض علماء المذهب الجعفري الذين وقفوا سداً منيعاً في وجه كل تشريعٍ يصب في مصلحة الأنثى.كل دول العالم اليوم بدأت تعمل بقانون الأحوال الشخصية لضمان حقوق الأسرة والمرأة وصونها، حتى إيران الجعفرية التي يرجعون إليها في الكثير من فتاواهم باعتبارها مرجعاً دينياً لهم، نجد أن لديها قوانين مدنية تعمل بها كما أنها تملك تشريعاً متكاملاً لقانون الأحوال الشخصية، لكنهم هنا لا يريدون أي قانون يحمي المرأة خوفاً من فقدانهم كل الحصانات التي يتمترسون خلفها، إضافة إلى أنهم لا يريدون أن يفقدوا سلطتهم الأبوية والكهنوتية على المرأة، حتى لو كلفهم ذلك رفض كل التعاليم التي تحميها من بطش القوانين البالية.لا تريدون «السيداو» ولا قانون الأحوال الشخصية فهذا شأنكم، ولكن لا يمكن أن نتقبل عدم طرح أي مشروع بديلٍ أو مماثل آخر يحمي المرأة من كل أشكال الاعتداء، سواء داخل عش الزوجية أو خارجه، فالمرأة مازالت تعاني الكثير من الصعوبات في أن تتحصل على بعض حقوقها من خلال المحاكم الشرعية بسبب طبيعة القوانين القديمة وغير المعدلة، كما أن تعطيل وتأخير البت في تلكم القضايا قد أفقد آلاف النساء حقوقهن المدنية والشخصية. وهذه مسؤولية من؟لن تجد من المعارضين لهذه القوانين والاتفاقات المدنية الحديثة أبسط من تبرير مخالفاتهم وربما جرائمهم بحق المرأة من الاختباء خلف شعارات دينية وشرعية، وربما يتحول هؤلاء فجأة إلى خطباء ووعاظ ومفتين وعلماء دين داخل المجتمع، ليبينوا للناس مدى «كفريات» «السيداو» وقانون الأحوال الشخصية، لتخلو الساحة لهم ولبعض الذكور الذين يريدون أن تكون المرأة مجرد شاة في قطيعهم إلى أبد الدهر، وهذا لا يستقيم ومكانة المرأة في الإسلام ولا مكانة الدولة، التي تبحث عن مكانة متقدمة بين الدول الأخرى، لكنها الأنانية وحب التسلط على حساب الأم والبنت والأخت والزوجة وكل أنثى لها من الكرامة الكثير في هذا العصر الذي ركل كل القوانين المتخلفة خلفه ليطرح لنا قوانين تحفظ للمجتمع هذا الكيان الأكثر تأثيراً من كل شيء آخر.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90