حين يقع خلاف أو خصومة في الرأي ويكبر ويصل للشجار ويكبر ويصل للاعتداءات الجسدية بين بحرينيين أحدهما أصوله عربية أو أجنبية، أو بين جماعتين إحداهما أصولها عربية أو أجنبية فإن الانحياز «العنصري» ظاهرة بغيضة نراها تنتشر في أوساطنا الاجتماعية ويشرعن لها ويسوق لها لأن من يتبناها وسائل إعلام مرخصة وقيادات يفترض أو تشكل رأياً!!لست معنية هنا بموضوع الخلاف أو الشجار «الهوشة» ومن هو على حق ومن هو على باطل، كما أنني لا أخص حادثة معينة لا تلك التي وقعت في بيت التجار ولا تلك التي وقعت في مدينة حمد ولا أي هوشة محددة بعينها، حتى لا يفسر أنني أقف ضد أو مع فلان أو علان، أنا ألفت النظر إلى أن ظاهرة «الفزعة» العنصرية تتصدر المشهد الإعلامي والتواصلي، بلا أي اهتمام أو عناية بموضوع الخلاف أو من بدأ أو لمن الحق؟ إنما تشاهد «فزعة» والسلام تروج لقاعدة ومبدأ بغيض مفاده أن البحريني الذي تعود أصوله لجذور عربية أو آسيوية أو غربية عليه أن يحترم «غربته» ولا يطالب بحقه ولا يدافع عن نفسه ويصمت إن اعتدى عليه بحريني، وإن حصل شجار بينه وبين آخر أصوله محلية فلا يجوز لغير الأصيل أن ينطق.إن الصراخ أو الضرب أو أي وسيلة غير قانونية لفض النزاعات هي حق للبحريني الأصيل ولد البلد في أي حال وبشكل مطلق، ولا يجوز للبحريني «المجنس» أو لغير البحريني أن يرفع صوته على البحريني هكذا بالمطلق.من يروج لهذا المفهوم العنصري البغيض الذي يحرم الإنسان من حقه في الدفاع عن نفسه لأن أصوله غير محلية هم -مع الأسف- قادة للرأي العام في صحف معتمدة ومغردون في وسائل التواصل الاجتماعي لهم قاعدة جماهيرية كبيرة، يفترض أنهم يرشدون السلوك الاجتماعي المنحرف ويعيدونه لصوابه.فما أن يقع شجار ما بين طرفين أحدهما أصوله غير محلية في الشارع أو في المؤسسات، إلا وتبدأ حملة إعلامية عنصرية شعاراتها «يا غريب كن أديب» و«البيت بيت أبونا» و«لا للتجنيس» ثم يعقبه الغمز واللمز على أصول هذا الطرف وعلى لهجته، ومن جديد نكرر قد يكون هذا الطرف مخطئاً وقد يكون ارتكب جناية أو حتى جريمة ويجب أن يعاقب عليها، فلسنا هنا لننتصر لطرف ضد آخر وفقاً لأصله، إنما لننتصر لسيادة القانون ومؤسساته وآلياته، ولننتصر لمبدأ المساواة البشرية قانوناً وشرعاً بين البشر، فلا فرق بين عربي أو أعجمي والمواطنون سواسية أمام القانون، وحتى المقيمون والزائرون أمام القانون، نحن هنا للتصدي للعنصرية الجاهلية البغيضة، وللوقوف مع المبدأ، الذي أدنا فيه عام 2011 من قال «إحنا ولاد البلد وأنتم سترحلون» لتكون إدانتنا نابعة من القلب للمبدأ الذي استند عليه هذا الشخص بعبارته العنصرية تلك لا على الشخص نفسه، فليس لنا أن نأتي نحن أيضاً حين نرى خلافاً بين اثنين فنقول لأحدهما «يا غريب كن أديب» فقط لأن أصوله غير عربية.هناك قانون وهناك محاكم وهناك مراكز شرطة يلجأ إليها المتضرر ليأخذ حقه وليسود النظام، ولن ينظر القاضي حينها لأصل وفصل ودين المتخاصمين فالقانون يمنعه والدستور يمنعه والدين يحرم عليه.الوقوف مع الحق والعدل لا بد أن يكون أعمى لا يرى لوناً أو جنساً أو عرقاً أو ديناً، هذا هو شرعنا الإسلامي وهذا هو دستورنا وهذا هو قانوننا، فما لكم كيف تحكمون؟