ليس عنوان خبر، لكنها فكرة ليست بمجنونة ولا خيالية، فالحديث عن «وسائل التواصل الاجتماعي» وتأثيرها اليوم قد يتعدى مستوى التفكير، إذ هذه الوسائل التي ساهمت في انقلاب خرائط دول، وحركت شعوباً، وأثارت قضايا، وتأثر معها الرأي العالمي، لا يمكن أبداً أن تؤخذ بـ»استخفاف» أو «تقليل شأن».
لذلك ما نراه من مواكبة رسمية لوسائل التواصل الاجتماعي من ناحية التفاعل وإنشاء حسابات وتوصيل الصوت الرسمي، هي عملية لم تتم إلا إما بسبب الاضطرار للمواكبة، أو لإيمان بأهمية وقوة هذه الوسائل.
في حلقة «مستشارك» في تلفزيون البحرين قبل يومين والتي كان عنوانها «أبطال السوشال ميديا» كانت لي آراء قد تكون بعيدة عن تحديد المسألة بالأشخاص، وكيفية التعامل معهم من منطلق مدى الاستفادة العامة مما يطرح، فالفكرة الأساسية لدينا كأصحاب حسابات لها متابعون كثر وكإعلاميين لهم مواقف ثابتة مع قضايا وطننا البحرين تتعدى مسألة «الحالة الشخصية» لمستخدمي وسائل التواصل، إذ هي تتحدث عن استفادة البحرين كبلد من هذه الوسائل، وكيفية توظيفها والاستفادة منها بما يصب لصالح البلد ويخدمها.
قبل خمس سنوات، ظن البعض أنهم سيستخدمون هذه الوسائل بنفس الأسلوب الذي اتبع في تونس ومصر، لكنهم تفاجؤوا بأن الموجة لم يركبها الجميع، وذلك ببساطة لأن ما حصل في البحرين محاولة انقلابية طائفية بخلاف ما حصل في دول أخرى من محاولة لتغيير واقع البلاد إلى الأفضل وإنهاء الواقع المنغمس في الديكتاتورية وسوء إدارة حياة البشر، والدليل أن الجميع أو الغالبية كان متفاعلاً ويعمل في اتجاه واحد.
في البحرين كان لكثير من المخلصين مواقف رائعة ومشرفة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، العملية لم تقتصر على الإعلاميين والكتاب والصحافة ولا القنوات الإعلامية الرسمية، بل تحول الإنسان والفرد العادي لقناة إعلامية بحد ذاته، كان يكتب ويرد ويدافع عن بلاده، وينشر الحقائق ويفند الفبركات، بل يحاول إيصال الحقيقة عن البحرين لكافة العالم.
الحراك الإلكتروني الذي حصل ذاك الوقت خلق وعياً واضحاً لدى فئات عديدة على رأسها فئة الشباب بأهمية وسائل التواصل الاجتماعي، وأنها يمكن أن تخدم مفهوماً سامياً جداً يرتبط بعملية الدفاع عن البلد والتصدي لمحاولات التشويه.
لذا شهدنا ولادة حسابات عديدة اتسمت بالوطنية والإخلاص للبحرين، سطع نجم من يقوم عليها، ونافست بعضها حتى وسائل الإعلام التقليدية، وكانت مصدراً للمعلومات والأخبار العاجلة وحتى الحصرية.
في تلك الفترة هذه الحسابات وهؤلاء الأشخاص، وكل من كتب حرفاً أو تغريدة أو نشر صورة تخدم البحرين وتدافع عنها، كلهم شاركوا في دحر محاولة اختطاف البحرين، كلهم كانوا وقوفاً لأجل بلادهم في وقت الأزمة، وبغض النظر عمن كانت تحركه أهداف وطنية خالصة متجردة من الأهداف الشخصية، أو من كان يبحث عن شهرة أو مكسب أو مغنم، إلا أن الحالة التي حصلت لابد وأن تدرس ويستفاد منها.
أقول ذلك لأن الملاحظ اليوم هو تغير التوجه لدى كثير من هذه الحسابات، طبعاً الأمر عائد لعودة الأمور لطبيعتها، وفشل محاولة الانقلاب، وأزيد عليها انكسار المستهدفين لبلادنا نفسياً ومعنوياً، لكن مع ذلك فإن ترك الساحة الإعلامية في هذه الوسائل عملية خاطئة تماماً.
بالتالي حينما أقول لـ»نحتل تويتر» باعتباره أكثر الوسائل قدرة على نشر المعلومات والأخبار والتأثير في الرأي العام، وطبعاً القدرة على الوصول لأكبر الشرائح، فإنني أتحدث عن عمل يومي مستمر هدفه البحرين، والتصدي لمن مازال يحاول تشويه صورتها، وأن يكون التركيز على إبراز كل الجوانب الإيجابية في البلد ومنجزاتها وصور الحياة السعيدة المختلفة فيها.
لو كل صاحب حساب على «تويتر» نشر صورة أو اثنتين يومياً عن البحرين في حسابه، كنشر صور من الحياة العامة، لقطات لفعاليات البلد، حياة الناس بسلام وغيرها من مناظر خلابة ومرافق سياحية، لعج «تويتر» بمعلومات وصور وأخبار كلها تتحدث بإيجابية عن البحرين، وتدحض بالمقابل من يحاول تقديم صورة مغايرة لما يحصل، ويوهم العالم بأن البحرين بالصورة التي يريد تقديمها.
بإمكاننا فعل ذلك، فقط لو وضعنا في أذهاننا الصورة التي عشناها قبل خمس سنوات، وكيف كان واجباً على كل منا الدفاع عن بلده بكل وسيلة متاحة، حينها سيكون همنا الدائم حينما نستخدم هذه الوسائل «البحرين»، وبعدها تأتي الأمور الأخرى، فقط لو أعاد البعض حساباتهم لما كانت عليه، حينما وقفت مجتمعة ضد مستهدف البلد، وتركت ما يحصل اليوم من تراشق أو تركيز على قضايا أخرى.
هل بإمكاننا احتلال «تويتر» لأجل البحرين؟! بالإمكان طبعاً، وبكل سهولة، فقط لو وحدنا الهدف وتضامنت الجهود.