أدرجت الحكومة أخيراً نحو سبعين منظمة محلية وعربية ودولية في قائمة المنظمات الإرهابية، ولولا أنه ثبت أنها قامت بأعمال إرهابية وتسببت في أذى خلق الله والممتلكات في مكان أو أكثر أو خططت لذلك لما تم تصنيفها ضمن المنظمات الإرهابية. لكن هل هذا يكفي؟ وكيف يمكن اتقاء شر تلك المنظمات التي يمتلك بعضها خبرات أتاحت لها تنفيذ عمليات إرهابية في العديد من بلدان العالم وصارت تفاخر بها؟
يمكن البصم بالعشرة على أن المنظمات المحلية التي أدرجت ضمن القائمة الإرهابية صار مسيطراً عليها وأنها لم تعد قادرة على تنفيذ العمليات الإرهابية أياً كان نوعها، فالجميع يشهد لوزارة الداخلية دورها في «تنتيف ريشها»، ووضع حد لاستهتارها واستهتار من يقف وراءها ويمولها ويساندها. الأمر نفسه يمكن تأكيده فيما يخص منظمة «حزب الله» التي اتخذت البحرين وسائر دول مجلس التعاون ما يكفي من قرارات وإجراءات لمحاصرتها ومنعها من تنفيذ الخطط التي اعتمدتها. لكن الأمر بالنسبة لغير هذه المنظمات يحتاج إلى تأكيد كي يشعر المواطنون والمقيمون بالأمان خصوصاً وأن السيطرة على كل هذا العدد من المنظمات الإرهابية التي لا يستبعد أنها تتعاون فيما بينها وتتبادل الخبرات والإمكانيات مسألة ليست سهلة وتحتاج إلى جهاز ضخم يتابع تحركاتها، فمن يريد الشر بالآخرين لن يعدم وسيلة كي يحقق أهدافه وسيحتال من أجل ذلك.
يعرف المختصون الإرهاب بأنه «أي عمل يهدف إلى ترويع فرد أو جماعة أو دولة بغية تحقيق أهداف لا تجيزها القوانين المحلية أو الدولية»، وبناء عليه تعتبر كل منظمة تم تصنيفها على أنها إرهابية في حالة حرب مع الدولة لأنها في كل الأحوال ترمي إلى الأذى وترويع الآمنين، لذا ينبغي تعامل المواطنين مع كل منظمة يتم اعتبارها إرهابية على هذا الأساس، وهذا يعني أن من يخالف يعتبر متواطئاً مع تلك المنظمة وداعماً لها ومعيناً على تحقيقها أهدافها.
ما ينبغي تأكيده هو أن المنظمات الإرهابية في أغلبها «منظمة وتمولها وتشرف عليها مؤسسات أو هيئات أو دول، معلنة أو غير معلنة، سعياً لتحقيق أهداف سياسية أو دينية أو مذهبية»، وليس بالضرورة أن تقوم تلك المنظمات بالتفجيرات، فهناك ممارسات أخرى مثل الإرهاب الفكري والضغط النفسي والتخريب والتصفيات الجسدية كالتي قامت وتقوم بها الجماعات الجهادية التي تتخذ من الإسلام شعاراً وترفع راية لا إله إلا الله زوراً وبهتاناً.
تصنيف هذه المنظمات في القائمة الإرهابية خطوة مهمة على طريق محاربة الإرهاب، والتجربة أثبتت أن مثل هذه الخطوة ساعدت على تقليص الدعم للنشاطات الإرهابية وعلى الضغط على الجماعات الإرهابية نفسها كي تتخلى عن ممارساتها. دولياً «لا تعتبر المنظمة إرهابية فقط عندما تقوم بعمليات إرهابية ولكن بمجرد تبين انخراطها في التخطيط والإعداد لشن عمليات إرهابية محتلمة في المستقبل وإذا ما كانت تحتفظ بالقدرة على القيام بمثل هذه العمليات أو بالنية على القيام بها»، ولعل هذا هو ما يفسر اختلاف القوائم الإرهابية لدى الدول، فالإمارات مثلاً صنفت قبل سنتين 83 مجموعة كمنظمات إرهابية، والولايات المتحدة صنفت عدداً أقل أو أكثر من المجموعات في القائمة بينما صنفت البحرين 68 منظمة فقط في قائمة المنظمات الإرهابية وحذرت من التعامل معها.
المؤمل خليجياً أن تصدر قائمة موحدة يتم التضييق على المنتمين إليها والتعامل معهم حسب القانون، ذلك أنه من غير المعقول أن يتم اعتبار هذه المنظمة إرهابية في بلد خليجي وعدم اعتبارها كذلك في بلد خليجي آخر، وهذا يستدعي تحركاً من وزارات الداخلية في دول المجلس كي لا تتمكن تلك المنظمات من الاستفادة من هذا الأمر الذي يعتبر بالنسبة لها ثغرة يمكن استغلالها.