في كتابه القيم «الحوار الناجح» للدكتور مصطفى السيد، يذكر في إحدى صفحاته أن الروائي والفيلسوف آرنست همنغواي قد وصف حالة البشر المتصلة ووحدة مصيرهم في كتابه «لمن تقرع الأجراس»، وكان يغطي الحرب الأهلية الإسبانية، ذكر أنه كان حينما يعبر الجسر وسمع أجراس الكنيسة تقرع لتعلن عن وفاة أحد الأشخاص الذين لا يعرفهم قال «ليس هناك إنسان يشكل جزيرة معزولة بذاتها، نحن جميعاً جزء من القارة التي هي جزء من الكيان الكبير، ولهذا لا يهم لمن تقرع الأجراس» في إشارة إلى موت إنسان، وهذا يعني أن الهم الإنساني واحد، لا يهم أن يكون هذا المرء قريباً أو صديقاً، فهو إنسان، وموت إنسان أياً كان، هو مبعث للحزن العميق، ودلالة هذا الأمر أن وحدة النسيج الإنساني هي أكبر حافز للبشر على التقارب ومحاولة فهم بعضهم البعض بأكبر قدر ممكن.
ها وقد ذكرنا بأن «وحدة النسيج الإنساني هي أكبر حافز للبشر على التقارب»، لكن إذا جاء الحديث عن وحدة النسيج الوطني الواحد فإن الأمر أكثر قرباً وجدانياً وأكثر إحساساً بمشاعر الأفراد ولا نقول «الآخر»، لأن هذه العبارة تعني المحيط البشري العام، لذا الحديث عن الحوار في البحرين، يقفز بنا إلى اهتمام القيادة السياسية في هذه المملكة بالحوار بوصفه حالة تقارب ومشاعر متبادلة بسبب تشارك العيش في مكان واحد والمصير الواحد والهدف الواحد.
إن الصحافي المقيم في البحرين لأكثر من 15 عاماً وداخل معمعة العمل الصحافي والإعلامي، وداخل المجالس الأهلية ويشارك الأهل في البحرين همومهم وأنشطتهم الاجتماعية والثقافية سواء في مجلس «الدوي» بحالة بوماهر بالمحرق، أو مجلس أستاذنا العزيز «عبدالله باقر» في الرفاع، أو مجلس «آل الشروقي» في الحد، أو مجلس «مبارك المغربي» بمدينة عيسى، أو في صالة «كانو» بالمصلى، أو مجلس الوجيه «منصور العريض» في العدلية، أو مركز الجزيرة الثقافي بالمحرق، صحافي بكل هذا الحضور لابد وأن يكون شاهداً على تواصل القيادة الرشيدة في البحرين يمثلها جلالة الملك المفدى، وسمو رئيس الوزراء، وسمو ولي العهد حفظهم الله ورعاهم، مع المواطنين وعلى المستويات كافة، وفي فترات زمنية قريبة جداً.
إن نهج التواصل والتحاور الذي تنتهجه القيادة الرشيدة من أكثر الملفات التي جعلتني أعيش مصداقية المشروع الإصلاحي في البحرين المتمثلة في الحركة النشطة للقيادة في تواجدها بشكل دائم مع كل مكونات مجتمع المملكة، ومن خلال عملي بالمؤسسات الصحافية في غرف الأخبار من 2001 وحتى الآن، لا يمر يوم وإلا وأحد أركان القيادة الرشيدة في لقاء مع المواطنين أو مع رجال المال والأعمال أو مع مؤسسات المجتمع المدني أو مع الأسرة البحرينية، والقيادة تزور المواطنين في بيوتهم ومناطقهم، وتلتقي بهم في الكثير من الأماكن، وتقابلهم في قصورهم العامرة، وتستمع إليهم وتحاورهم وتستجيب لرغباتهم، والمراقب دائماً يلحظ البشاشة والفرحة والسعادة في وجوه القيادة أثناء استقبالهم للمواطنين، وعبارات المحبة والألفة والتواد تعطر هذه اللقاءات.
وكصحافي مراقب أعيش كثيراً حالات الغبطة والسرور لدى زملائنا عندما يلتقون جلالة الملك المفدى في قصره أو لقاء سمو رئيس الوزراء في قصر القضيبية، أو سمو ولي العهد في لقاءاته الكثيرة مع الصحافيين والإعلاميين، أو في مجلسه العامر عصر يوم الأربعاء، نرى الفرحة تغمرهم بهذه اللقاءات وتشجعهم على المزيد من البذل والعطاء، ويعتز المرء منا ويفتخر بأن بلداً عربياً في هذا العالم الذي يموج بالتطورات فيه نظام حكم يتنزل للأرض ولقواعد الناس في شكل يمثل أجمل أشكال الرقي والتحضر، يفتح الآفاق لأبنائه لكي يبدعوا وأن يكون لهم دور في نهضة البلاد وتقدمها.
إن نهج الحوار واللقاءات مع مكونات المجتمع المختلفة لا ينحصر في القيادة السياسية فحسب فإن صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المفدى رئيسة المجلس الأعلى للمرأة، تلتقي النساء في كل المحاور الاجتماعية والسياسية والزراعية والحقوقية، ولا تألو جهداً في فتح آفاق الحوار لتطوير مجالات المرأة البحرينية، وعلى ذات الصعيد فإن أنجال جلالة الملك المفدى وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد وأحفادهم أيضاً قد ساروا في ذات نهج الآباء والأجداد، فلم يكن غريباً أنهم في احتكاك دائم مع الشباب ومع المبدعين في المجالات البيئية والرياضية والثقافية وفي مجالات العمل الإنساني والتطوعي.