صور متعددة يترجمها حوار القيادة الرشيدة مع عموم المجتمع في البحرين من خلال اللقاءات مع الشرائح المجتمعية المختلفة، هذا النهج ينطلق من مسؤولية وطنية على هدي الدين الحنيف وتقاليد الآباء والأجداد الذين علموا أبناءهم الاهتمام بالحوار، وترسيخ قيمه العظيمة المتمثلة في سياسة الأبواب والقلوب المفتوحة، لذا كانت لقاءات القيادة السياسية مع المواطنين تمثل نهجاً حضارياً بكل ما تحمل هذه العبارة من معنى التحضر.
هذه اللقاءات تلعب دوراً مهماً في التواصل مع المواطنين وفي الاستماع لقضاياهم، ومعرفة وجهة نظرهم في العديد من القضايا التي تهمهم، وبشكل خاص فيما يتعلق بالمطالب المناطقية من حيث زيادة الخدمات الإسكانية أو العمرانية أو الصحية أو الاجتماعية أو التعليمية، وهذه الدوائر مكملة لبعضها بعضاً في الإلمام بكل ما يدور في البلاد.
إن القيادة السياسية العليا في المملكة تلتقي دائماً كبار القوم في المجتمع من أهل الحل والعقد والزعامات المناطقية والدينية من كافة الطوائف والأديان، والالتقاء بالكفاءات الوطنية المرموقة من رجال المال والأعمال والمستثمرين، ورجال الصحافة والإعلام، والمواطنين، وهذا أمر قل وجوده في عالمنا العربي بهذا الشكل الراقي، والذي أصبح ممارسة يومية تقوم بها القيادة الرشيدة حفظها الله، إن جلالة الملك المفدى يؤكد على التواصل الدائم مع قيادات المجتمع والتحاور معهم حول القضايا المختلفة التي يريدون فيها تدخل القيادة، ومن ناحية أخرى فإن هذه اللقاءات تمثل فرصة كبيرة للزعامات المجتمعية في أن يوصلوا لجلالته هموم المواطنين والبحث عن أنجع السبل، لتلبية احتياجاتهم المختلفة، ومن خلال هذه اللقاءات الحوارية، يحرص جلالة الملك المفدى على الإنصات لكل المقترحات التي تقدم ومناقشتها مع المسؤولين، وهذا مما يؤلف بين القلوب ويوحد الجميع نحو الهدف الوطني في تحقيق الأمن والاستقرار.
وفي الكثير من اللقاءات يدعو عاهل البلاد المفدى إلى تعزيز المساعي المحمودة والمشاركة في الجهود الرامية إلى تأكيد الوحدة وتعزيز اللحمة الوطنية بين أبناء الوطن الواحد، إذ يؤكد ضرورة الارتقاء بمستوى هذا التلاقي والعمل على دعمه والحرص على نقاء صورته فهو المرآة المعاصرة لذلك النموذج التاريخي في ماضي البحرين للتعايش الإنساني السمح بمختلف أطيافه، فإن اللقاءات الكثيرة التي شهدتها في البحرين بين القيادة والمواطنين أو تلك التي شاهدتها عبر الفضائية البحرينية تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هذا النهج هو الذي أدى إلى ما فيه البحرين الآن من تطور ومن تقدم في المجالات المختلفة.
عند القراءة المتعمقة للمضامين السامية لأحاديث جلالة الملك في المناسبات المختلفة يمكن أن نلحظ عدة نقاط ومضامين مهمة، من أبرزها تأكيد ما يؤمن به من فهم عميق وإدراكٍ واعِ لتحديات المرحلة المقبلة من مسيرة التطور الديمقراطي والتنمية الشاملة التي تشهدها البلاد على الأصعدة كافة وما تحتاج إليه من تكاتف وتعاضد جميع أبناء الوطن، وذلك من أجل تعظيم الاستفادة من الفرص المتاحة والتصدي للتحديات وهو ما يتسق مع دعواته ومبادراته الدائمة التي يؤكد فيها دوماً على أهمية العمل على توحيد الصف، وحماية أمن المجتمع وثوابته والتخلي عن الفرقة والاختلاف.
إن قناعات جلالة الملك المفدى بالحوار تظهر بشكل واضح من خلال كلماته وخطاباته للمواطنين في المناسبات المختلفة نجدها تعبر تعبيراً حقيقياً عن الطيبة والسماحة والأدب والقيم الجميلة التي يحملها جلالته في وجدانه وفي سويداء قلبه، كلماته تنفذ دائماً من القلب إلى القلب، لأنها حديث الأب لأبنائه ولإخوانه وأخواته ولأمهاته وخالاته وعماته، طيلة سنوات في البحرين ظللت أستمع بشغف شديد لخطابات صاحب الجلالة الملك حمد، وما فيها من روح محبة وسلام ومودة ورغبة حقيقية وصادقة في لم الشمل، وفي وحدة الصف البحريني، وأن يعيش أبناء هذا البلد الطيب في وئام وانسجام وتعايش سلمي. إن جلالة الملك لا يخرج من لسانه إلا ما فيه خير الناس وصلاحهم ورقيهم وتطورهم، والسنوات التي عشتها في هذا البلد لم أسمعه يوماً يقلل من مكانة شخص أو طائفة أو مجموعة من الناس، لم أسمعه يوماً ناصباً العداء لجماعة أو دولة أو زعيم، وقد ظل يتصف بالحكمة في كل ما يصدر عنه.