«إلا مجنس» هذا ما تداوله بعض المغردين والمعلقين على خبر استشهاد أحد أفراد الشرطة إثر عمل إرهابي قام به عدد من الخارجين على القانون في منطقة «كرباباد»!!
وكأن أرواح «المجنسين» أو «مكتسبي الجنسية» رخيصة!! وكأن الكرامة الإنسانية وحرمة الأرواح لأناس محددة فقط!!
عجبي على هذا التفكير العقيم الذي سيجعلنا في دوامة غير منتهية!! أفيعقل أن تعلق على موت أي شخص بهذه الطريقة!! فما بالك إذا كان هذا «الشخص» رجل أمن ضحى بحياته من أجل حفظ أمن الوطن، هذا الوطن الذي تدعي بأنك من سكانه الأصليين، وأنت تعيث فيه فساداً، وتقوم بتخريب ممتلكاته بدواعي «المواطنة» وإحقاق الحق.
أي عقل لديك، وأنت تقوم بعملياتك التخريبية، وأي منطق يبيح لك إهدار دم أي إنسان!! وأي شعور امتلكك وأنت تشعل النار في سيارة الشرطة التي كان يستغلها رجال الأمن، ما هو شعورك والنار تنتشر وتحرق في أجسادهم!! كيف كان شعورك وأنت تشاهد مقاطع الفيديو التي صورت جريمتك الإرهابية، أكنت تشعر بالفخر لأنك استطعت أن تقتل نفساً بشرية!! أشعرت بالبطولة وأن تحرق أجسادهم، أشعرت بالنشوة وأنت تسمع صرخات آلامهم!! أأخذت تتمنى الموت للمصابين الآخرين!!
استطعت أن تنام في تلك الليلة وأنت قاتل وخائن ومخرب!!
أي شعور تمتلك أنت؟! وماذا قال لك من أرشدك لهذا الفعل؟! أقال لك «إلا مجنس»؟! أأحل لك «قتلهم»؟ أأقنعك بأنك إذا قتلت رجال الأمن، وحرقت ممتلكات وطنك ستصبح «مواطن فوق العادة»؟! أو وعدك بوطن آخر، وبمستقبل أفضل؟!
ألم تفكر بالشهيد وعائلته؟ ألم تفكر في أبنائه؟ ووالديه؟ الم تفكر فيهم جميعاً وهم يشاهدون أبنهم يحترق بطريقة وحشية بسبب «زجاجة او قنبلة المولوتوف» التي رميتها عليهم؟ فأصبت الهدف!!
بأي ذنب يتمت أبناء هذا الشهيد؟! وما هو ذنبهم؟! أذنبهم أن والدهم كان يعمل في السلك الأمني؟!
أفكرت في دعاء زوجة الشهيد أو والدته على من ارتكب هذا الفعل؟ أم أن دعاءهم لا يصل إلى الرب لأنهم «مجنسون أيضاً؟! أسمح لك وقتك أن تفكر في عقاب الدنيا والآخرة؟!
أفكرت؟! أم أنه تم مسح عقلك؟!
أيهما أولى أن ينعت «بالوطني» من يحمي البلاد، أو من يعيث فيها فساداً وتخريباً؟! من هو أولى بأن يوصف «بالمواطن» من يخاف على هذه الأرض الطيبة ويدفع روحه فداء لها أم من يحرقها؟!
إن مرتكب هذه الجريمة ليس بالمواطن - حتى وإن كان يحمل الجنسية البحرينية - فالمواطنة ليست ورقة تثبت انتماءك لوطنك، إن المواطنة هي الحفاظ على هذا الوطن والرغبة في تقدمه، إن المواطنة أن تغرس نبتة في الأرض، لا أن تحرق إطاراً في الشارع، إن المواطنة أن تلم الشمل وتدعو للمصالحة والمناصحة، لا أن تقتل النفس التي حرم الله قتلها.
سيظل رجال أمننا البواسل رمزاً وطنياً، فشكراً لكم على حفظكم لأمننا، ورحمك الله أيها الشهيد الغالي وألهم أهلك وذويك الصبر والسلوان، وأسال الله أن يمد المصابين في هذا الحادث الإرهابي الغاشم بالصحة والعافية. وأن يهدي أبناءنا «المغرر» بهم إلى طريق الصلاح والهداية، وأن يلم شملنا لصالح أوطاننا.