في أحايين كثيرة يخوننا ذكاؤنا، مهما اشتدت حذاقته، وتخذلنا تحليلاتنا، مهما تميزت بالفطنة والنباهة، لنجد أنفسنا عاجزين عن إيجاد الأجوبة على أسئلة تراود أذهاننا بين الفينة والأخرى، إزاء المواقف الإنسانية المتتالية للمملكة العربية السعودية. فمنذ أن وعيت على هذه الدنيا وأنا أسمع عن الهبات والمنح المالية والمساعدات الإنسانية التي تقدمها السعودية للدول العربية والإسلامية باختلاف أعراقها. فعلى سبيل المثال لا الحصر، لبنان الحبيب كان إحدى هذه الدول المستفيدة، حيث إن الهبات والمساعدات تعدت المنح المالية لتصل لمرحلة فض النزاعات والصراعات الداخلية بين الأطراف السياسية المتعددة لأبناء الشعب الواحد، والتي كانت سبب خرابه وانهيار القيمة الشرائية لليرة اللبنانية، لنجد أن السعودية هي العون والمعين وتنتشل البلاد من خانة الضيق إلى فرج الطريق، ويعمر الاقتصاد وتزدهر السياحة، فأينما وُجد الخلاف اعرف جيداً أن السعودية ستكون الأم الحنون موجودة لتلطيف الأجواء مهما كان الثمن الذي ستدفعه. فإيمانها بأن المصلحة العامة فوق الجميع، فهي تنظر فقط إلى حفظ الجميل وعدم الإساءة والإهانة والتجريح.
والمتتبع للأخبار يعلم جيداً أنه بالرغم من الظروف الأمنية والاقتصادية الحرجة التي تمر بها المنطقة، لم تتوانَ المملكة العربية السعودية من أن تأخذ المبادرة في عقد القمة الخليجية المغربية، وذلك لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين جميع الأطراف، والبحث في أهم ملف وهو «ملف الإرهاب والتدخلات السافرة لإيران وأذنابها من الأحزاب الإرهابية في المنطقة»، الذي حرمنا من بلح اليمن وعنب الشام، والأهم من ذلك، فقد تشردت شعوب عن أراضيها، واختل الميزان الديمغرافي، وبات الجميع في مأزق لا محال، وفي الوقت نفسه تبحث الملفات السياسية والاقتصادية الدولية مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما لصالح البلاد والعباد.
لذا من المؤسف بعد كل ما نراه ونلمسه من امتيازات التي تمنحنا إياها تلك المملكة الكريمة بقيادتها الحكيمة وزعمائها أن نتنكر لها ونعتبر أن ما تقوم به ما هو إلا «إرضاء لمطامعها»، عيب أن يكون رد الجميل بالإساءة واختراع الأكاذيب ونكون كالنار في الهشيم ودائماً نسأل هل من مزيد!