باراك أوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكية أحبنا أم أبغضنا، جاءت عقيدته متسقة مع مصالح دولنا الخليجية أو غير متسقة معها، إلا أنه في نهاية اليوم اضطر أن يرمي عقيدته وراء ظهره ويأخذ طائرته مرغماً للجلوس مع من لا تنسجم عقيدته معه على طاولة واحدة للحفاظ على مصالح دولته.
ربما أراد أوباما أن يضرب بنفسه مثلاً حين قال إنه أرغم نفسه على التفاهم مع إيران وهي التي تملأ هتافاتها سماء طهران كل أسبوع بالموت لأمريكا!! لهذا يطالبنا السيد أوباما أن نتغاضى عن الخطاب الإيراني ونجلس معها ونتفاهم معها.
إنه يضرب لنا مثالاً آخر على البرغماتية الأمريكية في عدم الجمود والمرونة التي تتبع المصالح، لنأخذ الولايات المتحدة قدوة لنا، فمثلاً قبل أسبوع كانت المملكة العربية السعودية في الإعلام الأمريكي الشيطان الأكبر، أم الإرهاب، ومصدره والمسؤولة «كدولة» عن 11 سبتمبر ويجب معاقبتها وتعويض الضحايا من أصولها المودعة في الخزائن الأمريكية، لكن بعد تصريح واحد من عادل الجبير وزير خارجية السعودية يحذر فيه بإمكانية سحب الأصول السعودية التي تبلغ 750 ملياراً إن فكرت الولايات المتحدة الأمريكية تجميدها، يا سبحان الله، تغير الخطاب تماماً، فبالإضافة إلى مايكل بريجنت الضابط المتقاعد الذي كتب في الفورن بوليسي «السعودية حليف لا يمكن الاستغناء عنه» كتب إيلي ليك في موقع بلومبرغ «لماذا يستثمر أوباما في حليف يبغضه؟» وكتب أيضاً مايكل ميوملي وتريسي ويلكنسون «أوباما يتوجه إلى السعودية لإعادة بناء العلاقات» نبرة جديدة تذكرت أن للمملكة العربية السعودية ثقلاً اقتصادياً وثقلاً أمنياً وثقلاً استراتيجياً، حتى أوباما بجلالة قدره يهدد القضاء بأنه لن يوقع على أي حكم يقضي بالمساس بالأصول السعودية! فلم تتعنت دول الخليج في مواقفها تجاه إيران؟ لم لا تملك هذه المرونة في التغاضي عن خطابها وتبدل مواقفها بالسهولة التي بدلت فيها الولايات المتحدة الأمريكية قبعاتها؟
الدول الخليجية يا سيد أوباما ليست حجراً جامداً في سياستها الخارجية لا تملك المرونة ولا تغلب مصالحها، الدول الخليجية لم تحدد علاقتها بإيران بهذه القطيعة لأن الإعلام الإيراني يهاجمها أو لأن خطبة الجمعة تشتمها كل أسبوع أو ردة فعل على التصريحات النزقة للعديد من مسؤوليها، فلسنا بالسذج الذين ننجر وراء الاستفزاز الخطابي، إن المواقف المتخذة ضد إيران سواء منها الموقف العسكري أو السياسي ما جاءت إلا بعد تهديدات أمنية حقيقية وواقعية على الأرض تملك دول الخليج كلها أدلة عليها لا البحرين فقط كما صرح جلالة الملك حمد بن عيسى حفظه الله، المواقف لم تتخذ لأن الإيرانيين صرخوا الموت للسعودية أو للبحرين، بل لأننا في حالة حرب مع إيران استخدم بها السلاح والذخيرة والعنصر البشري وسقط منا ضحايا هم أرواح بشرية مات 17 منهم في البحرين وخمسة قتلوا في اليمن على يد كتائب إيرانية التمويل والتدريب والقيادة، عدا خسائر بقية دول الخليج.
البرغماتية التي تدعو لها هنا ليست مقابل خطاب شعبوي، بل مقابل تهديد أمني وهي هنا تعني التهاون في الحفاظ على أمننا وتسهيل احتلال دولنا، والجلوس مع إيران هنا يعني فعلاً ما طالبت في عقيدتك العقيمة «تقاسم» أرضنا معها ولو وجهت هذه الدعوة في الولايات المتحدة الأمريكية أيام احتلال السفارة الأمريكية في طهران لرجمك الأمريكيون، لو تهاونت بأي شبر من الأراضي الأمريكية أو تهاونت في حماية أي جندي أمريكي من أجله لما بقيت يوماً واحداً خارج السجن الأمريكي ولحاكمك الشعب الأمريكي بتهمة الخيانة العظمى.
جاء أوباما لسدة الرئاسة وسيغادرها وإلى الآن يضع قراراته بناء على ما هو مفروض لا بناء على ما هو ممكن.. إنها مصيبة حين يوضع خريجو الجامعات مواضع صنع القرار فما بالك حين يوضع على سدة الحكم في أقوى دولة في العالم؟ هل عرفتم لم عمت الفوضى في أرجاء المعمورة؟