الفئة التي تبني، والفئة التي تحمي، والفئة التي تطور، هي أغلبها فئة الشباب، وهم عماد أي مجتمع في العالم، ولا يوجد دولة اليوم لا يوجد فيها شباب طموح له أهدافه ما يجعل بلدانهم في المقدمة.أنا لا أتحدث اليوم عن موضوعات تخص السياسة بقدر ما أتحدث عن هذه الفئة التي تعتبر لدى الدول هي الوقود الحقيقي للتنمية، فلا تنمية من دون وجود شباب له عقلية تهتم بالبناء، فرغم المغريات التي تحوم حول الشباب إلا أن الأمانة تتطلب من الجميع أن نحافظ عليهم ونوجههم إلى الطريق الصحيح.الواقع أن العالم اليوم يشهد تغيرات عديدة على كافة الأصعدة، فجميع الميليشيات الإرهابية وأصحاب المنابر الدينية يستهدفون فئة الشباب، وذلك لعلمهم أنهم فئة تحتاج الكثير من الاهتمام والتقدير، خاصة أنها يرسمون المستقبل لأنفسهم، ومن هنا يأتي دور الدولة في الحفاظ على الشباب من هذه الرسائل التي تستهدف شبابنا، بل هي بالأساس تم تصميمها لهم لينضموا إلى تلك الجهات المعادية.الدولة تحمل على عاتقها مسؤولية كبيرة في توجيه الشباب إلى المسار الصحيح، بل من مسؤولياتها أن تحتضن هؤلاء الشباب وتحتويهم حتى لو أخطؤوا، لأن الشباب يحتاج إلى كيان يحتضن همومه وأهدافه، حتى لا يقع في براثن تلك الميليشيات.وبالتالي، العمل لا يتوقف عند فئات عمرية معينة، فكل فئة من الشباب لها خطط وموارد لتنميتها، والعمل على ذلك يتطلب جهوداً متكاملة لجميع قطاعات الدولة، وليست تقتصر على جهة واحدة، فاليوم مسؤولية الشباب لا تتمحور على الأسرة بل تتعدى هذا المفهوم في ظل المغريات الخارجية، ومنها عناصر جذب الشباب وعلى رأسها أن يكون له كيانه الخاص، كالذي تقوم به الميليشيات والمنظمات الإرهابية في سياستها الاتصالية معهم.ويمكن أن نلخص ذلك بأن الشاب يحتاج الفرصة والتشجيع من الجميع بدءاً من الأم والأب، وصولاً إلى الدولة، ليكون ذلك في إطار إستراتيجية حكومية بالمستقبل، وخاصة في مجال الإعلام الحكومي، فاليوم يواجه الإعلام عناصر وكياناً مضاداً له يملك مجموعة من أدوات التأثير والخطط الإستراتيجية التي تجعل الشباب تابعاً لها ما يؤدي إلى ابتعادهم عن تلقي الرسائل من الإعلام المحلي.إذاً العملية الاتصالية التي تستهدف الشباب في احتضانهم هي عملية لا تقتصر على مجموعة من الرسائل الإيجابية، فالوسائل التي تنقل هذه الرسائل تلعب دوراً مهماً، وهنا نستشهد بالمقولة الشهيرة للعالم والمختص في شؤون الاتصال الجماهيري مارشال ماكلوهان والتي تقول إن «الوسيلة هي الرسالة»، والتي انطلقت بها نظريته المشهورة في مجال الإعلام، وبالتالي الأمر أن الرؤية المستقبلية يجب أن تواكب وتتعدى الأدوات الاتصالية لدى الأعداء وخاصة الميليشيات الإرهابية، وإعداد فريق متكامل يرسم العملية الاتصالية الحديثة وتكون مؤثرة وذات مغزى حتى يكون الشاب تابعاً لهذه العملية بل يكون له دور بارز فيها. البحرين كانت سباقة لكل هذه الخطوات ولا تزال، إلا أن ما ينقصنا هو أن يكون لدينا إستراتيجية اتصالية شبابية، تدعم توجهات الدولة في اهتمامها بهذه الفئة، وهنا يأتي دور الشراكة مع جميع قطاعات الدولة، في رسم هذه الإستراتيجية لتحقق كل ما مضى وما سيتم في المستقبل، لأن العمل على خلق ثقافة اتصالية حديثة سيسفر عن نتائج إيجابية، ويجعل المنابر الدينية والميليشيات والمنظمات الإرهابية التي تسعى لخلق الأزمات والتفرقة بين الكيان الواحد، ليست بالأهمية، إذاً، إن أخطأ شبابنا يجب أن نحتضنهم وأن نسمع لهم وأن يعاقبوا على حجم أخطائهم، ولكن في الوقت نفسه نحن أمام تحدٍّ ليس بالسهل أن نتخطاه من دون أن يكون لنا إستراتيجية شبابية اتصالية يكون هدفها الأساسي احتضان الشباب ويكون لهذا الشاب دور أساسي في صناعتها.